د. إبراهيم الشمسان أبو أوس
كتب الدكتور فهد عاشور المقيم في ألمانيا كتابًا عنوانه (الفصحى لغة مصطنعة)، وقرأ الدكتور يوسف الكوفحي مسودة الكتاب، ثمّ شكر المؤلف قراءته ومقترحاته القيمة، وكنت تصفحت الكتاب، فأكبرت فيه ضخامة العمل وغزارة المعلومات وطول النفس وكثرة التفصيلات؛ ولكن الكتاب بني ليحقق مسلمة قدمها المؤلف في عنوانه فحكم بأن الفصحى لغة مصطنعة، وكل الكتاب محاولات لإثبات ذلك؛ ولكن تلك المحاولات لا تصمد عند التحقيق، فهي مليئة بالمغالطات والتناقضات وقصور في فهم بعض أصول علوم ما يتحدث عنه. ثم كتب الدكتور يوسف الكوفحي تغريدة في 23 أغسطس أحببت مشاركة قرائي بها مَن لم يطلعوا عليها، وبعض ما أثارته من ردود هي بلا جدال مرتجلة؛ لكنها لها نصيب من الصحة، قال د.يوسف:
«هل فعلا الفصحى لغة مصطنعة؟
ستجدون في كتاب (الفصحى لغة مصطنعة) لمؤلِّفه الدكتور فهد عاشور، والصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويقع في 448 صفحة، الجوابَ الشافي بالأدلة المادية الملموسة والمنطق السديد والرياضي الدقيق والبحث التاريخي الرصين. إذ «يبحث هذا الكتاب في قضية لغوية بالغة الأهمية لم تتم إثارتها في الدراسات اللغويَّة من قبل. وهي تصنيف اللغة الفصحى وحقيقة وجودها التاريخي. يقدِّم هذا الكتاب للقارئ العربي أدلَّة ماديَّة عن واقع اللغة العربيَّة والشعر العربي في العصور القديمة - يُكشَف عنها لأول مرة-كفيلة بتغيير تصوراته عن هذه اللغة وتاريخها. يكشف هذا الكتاب، من خلال أدلة النقوش القديمة، حقيقة اللغة العربية والشعر العربي كما كانت على أرض الواقع في جزيرة العرب، وليس كما روَّج لها كُتَّاب العصر العباسي في العراق. ويُثبت وجود اللهجات البدوية والشعر النبطي (البدوي) منذ قرابة 2000 عام على أقل تقدير. يُثبت، أيضا، أنَّ اللغة الفصحى لم تكن يوما لغة طبيعيَّة، يكتسبها الناس بصورة طبيعيَّة، ويستخدمونها للتواصل فيما بينهم في المواقف الطبيعيَّة، بل هي، في الواقع، لغة مُصطَنَعة، صُنِعت في بداية العصر العباسي (القرن الـ 2هـ/8م) في العراق -تلبية لاحتياجات دولة الخلافة اللغويَّة والدينيَّة- من مُكوِّنات لغوية مُشتقَّة من لغة القرآن، لهجات القبائل البَدَوِيَّة، ولهجات سكان الأمصار؛ وأُخرى أَوَّلِيَّة مُستمَدة من مبادئ وقوانين الرياضيَّات».
رد قوله إياد علي أبو خيط قال:
«القول بأن الفصحى (مصطنعة) فيه تقليل من شأن القرآن الكريم ولغة التراث العربي كله، لأنه يوحي بأن كتاب الله نزل بلغة مختلقة لم يعرفها العرب، وهذا يتناقض مع النص القرآني نفسه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
والفصحى لم تكن لغة الشارع اليومي، لكنها كانت ولا تزال اللغة الأدبية الجامعة التي صاغ بها العرب شعرهم وخطبهم، ونزل بها القرآن. العباسيون لم (يصطنعوها)، بل نقلوها من التداول الشفوي إلى التدوين العلمي لحماية التراث والهوية».
وقال د.مرتضى شرارة
«تحياتي دكتور يوسف
ليس مجرد إثبات وجود اللهجات عند العرب الأقدمين دليلا على أن الفصحى مصطنعة، ومعظمنا يعرف أن اللهجات كانت موجودة وموازية للفصحى، وأنه كان لكل قبيلة أو منطقة لهجتها التي تتميز بها، وهذه اللهجات إنما تفرعت عن الفصحى، وهو أمر طبيعي ومنطقي، ونحن ما زلنا نعايشه حتى يومنا هذا، فليست لهجة عمّان مثلا إلا وليدة لهجات عدة من هنا وهناك، ومنها اللهجة المقدسية والنابلسية والشامية وغيرها، فهل نقول: إن لهجة عمّان هي الأصل والمقدسية مصطنعة؟!! الحقيقة التي تدل عليها نصوص دينية يؤمن بها فريق من المسلمين، وأكدها علماء ومفكرون منهم د.مصطفى محمود- رحمه الله-، أن العربية الفصحى كانت لغة آدم عليه السلام، ثم لما تفرق البشر وانتشروا صارت لهم لهجات كثيرة، وأكثر هذه اللهجات تحولت إلى لغات ابتعدت كثيرا عن الأصل الأم، ثم إن الله تعالى أعاد إحياء اللغة العربية الفصحى على لسان إسماعيل عليه السلام وتوارثها أبناؤه، ظهرت بينهم لهجات كذلك، لكن لم يبلغ الأمر أن تحولت هذه اللهجات في الجزيرة العربية إلى لغات بعيدة عن اللغة الأم، ثم بُعث خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ونزل عليه القرآن المجيد فصار أعظم وسيلة لحفظ اللغة الفصحى لغة آدم وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وهي لغة إلهية تعلمها آدم في السماء، وليست لغة بشرية مصطنعة».
وقال محمد دلكي:
«هو يريد أن يقول انها مصطنعة، والمعلقات مصطنعة، ليقول إن الحديث النبوي مصطنع، والقرآن مصطنع. وانتهينا».
وقال حسان محمد حياصات:
«هذا الرأي ليس بجديد، بل سبقه إليه كثيرون، وقالوا أكثر من ذلك، قالوا: إن الشعر الجاهلي منحول، وإن أكثره وضِعَ في العصرين الأموي والعباسي.
وهذا القول وراءه ما وراءه..
يظهر أن كثيرا من الناس لا يفرقون بين وضع اللغة وبين وضع قواعدها ونحوها وصرفها..
وإذا سلكنا دربهم، فبوسعنا القول إن الخليل بن أحمد هو الذي صنع الشعر واخترعه، وذلك لأنه وضع علم العروض... فهل يصح ذلك!؟».
تعبر هذه الأقوال عن رأي أصحابها وفيها لمن أراد مواطن توقف، وسيكون لي وقفات مع الكتاب إن شاء الله.