الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
هناك اعتقاد خاطئ ومعلومات مغلوطة لدى الكثير من «السفهاء» بأن تدخين الشيشة أكثر أماناً من السجائر، باعتبار أن الدخان يمر عبر الماء لتصفية جميع الأشياء الضارة، وهذا مفهوم خاطئ وكلاهما يضران بالصحة ويهددان الحياة.
وأمام انتشار محلات الشيشة، وإقبال الشباب والفتيات على تناول تلك السموم التي تسبب أضراراً حقيقية وملموسة في صحة القلب والشرايين، وغيرها من الأمراض بحسب الدراسات العلمية الطبية المتجددة.
«الجزيرة» استطلعت رأي اثنين من المختصين حول تلك المعضلة، وبيان أضرارها والسبل الكفيلة لتوعية الناس من الشيشة والتدخين على حد سواء، وآثارها الخطيرة على الفرد والمجتمع.
أعظم المحرمات
يقول الدكتور بدر بن محمد المعيقل عميد كلية الشريعة بجامعة الجوف سابقاً: لعل رأس كل هداية لسلوك أي خلق قويم وطريق مستقيم، والإقلاع عن ضده من الخلق السيء، والسلوك الذميم هو: مخافة الله في السرّ والعلن ابتداء، فمن خاف الله في سرّه وظاهره، وعرف حرمة كل ما يضارّ بالجسد حرمة جازمة، وحرص على مرضاة الله مع كثرة المغريات، وكثرة مشائخ التحليل للمحرم بدون دليل، عرف أن ما نعيشه اليوم بكامل تفاصيله، (بما في ذلك الدخان والشيشة) من أعظم المحرمات التي انتشرت وشاعت، ولذلك تساهل بها الناس واستساغوها، ثم بعد ذلك: تكثيف التوعية خصوصاً لدى: الشباب والشابات (المراهقين والمراهقات) بضرر الشيشة الكبير على القلب والجهاز التنفسي وغيره، وأن الحجر الواحد فقط: يعادل ثمانين سيجارة حسب الدراسات العلمية، ثم أيضاً: محاولة الحدّ من تراخيص هذه الأماكن: في خطوة لتقليل المرتادين لها، وتسهيل الوصول إليها، مشدداً على ضرورة تكثيف بيان أهمية خطر ذلك على المجتمع بعامة، من حيث أن تعاطي هذه الأشياء خصوصاً (الدخان والشيشة) بريد إلى تعاطي غيرها مما هو أعظم خطراً، وأكبر جرماً، فالذنب يجر صاحبه، والمعصية تجرّ أختها، وحبّ الظهور، والجرأة المفرطة على التجربة لدى المراهقين لن تقف عند حدّ الشيشة.
ويؤكد الدكتور بدر المعيقل أن هذه قضايا يجب على المجتمع كافة، وأهل العلم والإعلام التوعية المكثفة بها دائما دون توقف، فهي موضوعات متجددة بتجدد بلوغ الأبناء والبنات لهذه الأعمار، حفظ الله أبناء هذا الوطن وبناته من كل شر ومكروه.
تأثيرات خطيرة
يؤكد الدكتور صبري باجس زيادة استشاري جراحة العظام بالرياض على تأثير التدخين والشيشة (النرجيلة) على العظام سلبي جدًا، وقد ثبت ذلك في العديد من الدراسات الطبية، مشيراً إلى أهم التأثيرات، ومنها:
أولاً: التأثير على صحة العظام العامة، حيث يقلل من كثافة العظام (Osteopenia/ Osteoporosis): التدخين والشيشة يقللان من امتصاص الكالسيوم وفيتامين D، مما يؤدي إلى ضعف العظام وزيادة خطر الكسور، ويبطئ نمو العظام:
النيكوتين والمواد السامة الأخرى تقلل من نشاط خلايا بناء العظم (osteoblasts)، ويزيد من هشاشة العظام عند كبار السن: خصوصًا عند النساء بعد سن اليأس، لأن التدخين يقلل أيضًا من إفراز الهرمونات التي تحافظ على الكثافة العظمية.
ثانيًا: التأثير على التئام الكسور والجروح، حيث يبطئ التئام الكسور: التدخين يقلل تدفق الدم إلى العظام والأنسجة، مما يؤخر شفاء الكسور بعد الجراحة أو الإصابة، ويزيد من خطر فشل تثبيت الكسور (nonunion): الدراسات تشير إلى أن المدخنين لديهم ضعف احتمال التئام الكسر مقارنة بغير المدخنين.
ثالثًا: التأثير على المفاصل والغضاريف، حيث يزيد من خطر تآكل المفاصل (Osteoarthritis): بسبب ضعف الدورة الدموية وتلف الغضاريف، ويزيد من خطر التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis): التدخين من أهم العوامل البيئية المسببة له.
رابعًا: تأثير الشيشة مقارنة بالسجائر، حيث إن الشيشة ليست أكثر أمانًا، بل في كثير من الأحيان أسوأ لأن الجلسة الواحدة تعادل تدخين 40-100 سيجارة من حيث كمية الدخان والمواد السامة المستنشقة، وتحتوي على أول أكسيد الكربون ومعادن ثقيلة (كالنيكل والرصاص)، مما يزيد الضرر على العظام والأنسجة.
ويكشف د. صبري زيادة استشاري جراحة العظام بالرياض عن دراسة حديثة (2024) تمّ فحص التأثير المحتمل للإقلاع عن السجائر (combustible cigarettes) على التعافي من الكسور في أبحاث أساسية، ووجدوا أن التوقف قد يسرّع عملية الالتئام في النماذج التجريبية.