وقت القيلولة
* هل القيلولة تكون قبل الغداء، أم بعده؟ وما الأسلم للجسم؟
- القيلولة هي: النوم في وسط النهار عند الزوال وما يُقاربه، وكانت عادة العرب أنها قبل الزوال، ولكن لو فعلها بعد الزوال آتتْ ثمرتها؛ لأنها يُستعان بها على قضاء الحوائج في آخر النهار، وفي (صحيح البخاري) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: «ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة» [6248]، معروف أن النوم قبل الجمعة لا شك أنه يَحرم المسلم من التبكير إليها، وحينئذٍ لا يتيسَّر لهم النوم قبل الزوال، فيقيلون بعده، مما يدل على أن القيلولة الأصل فيها قبل الزوال، وإذا أُخِّرتْ بعد الزوال لعارضٍ أو طارئٍ أو لعدم تمكنٍ من النوم قبل الزوال فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-.
وفي (مغني المحتاج) للشربيني يقول: (يُسن للمتهجِّد القيلولة، وهو النوم قبل الزوال، وهي بمنزلة السحور للصائم)،يعني يستعين بها؛ لأن العادة عندهم أنه لا نوم بعد صلاة الصبح، وأحيانًا يكون الوقت طويلًا كالصيف، فيحتاج إلى قسطٍ من الراحة في منتصف النهار، فيستعين بها على ما بقي من نهاره، ويُجمُّ بها بدنه، وأيضًا تُعينه على القيام، والله أعلم.
* * *
عدم الاهتمام بالمواعيد .. والغضب من النصح في ذلك
* بعض الشباب المستقيم لا يهتم بالمواعيد، وإن غضبتَ عليه، أو ذكرتَ خطأه، غضب وقال: (كيف تغضب علي)؟
- أما مَن يَعِد وفي نفسه إخلاف الموعد، فهذه خصلة من خصال النفاق، لكن الذي يَعِد ثم يطرأ له ما يمنعه من هذا الموعد، فلا شك أن الأمر أخف، لكن على حسب الأثر المترتب على هذا الإخلاف، فإن بلَّغه قبل الوقت بَرِئ من عهدته، وإن عاقه ما يعوقه من مانع يُعذَر به فلا يُؤاخَذ أيضًا، لكن الإشكال في أن يَعِد ويُخلِف، وفي نفسه مع إبرام الوعد الإخلاف، فهذه سجيَّة من سجايا وخصلة من خصال المنافقين -نسأل الله السلامة والعافية-.
وديننا لا شك أنه يهتم بهذا الأمر، ولذلك جعل إخلاف الوعد من خصال المنافقين، وذلك لما يترتب عليه من إضاعة الوقت للطرف الثاني. ولا شك أن الناس يتفاوتون في هذه المسألة، فمَن الناس من إذا جاء الموعد الذي ضُرب معه تضيق به الأرض، ولا يستطيع أن يبقى في مكانه، فتجده على الرصيف، ويذهب يمينًا وشمالًا، ومن شارع إلى شارع، ينتظر، لكن هل يستفيد؟ لا يستفيد، فلماذا صار عندنا هذا الأمر بهذه القوة في أنفسنا؟ فصار إخلاف الموعد ولو لخمس دقائق يرفع الضغط درجات عند كثير من الناس، لماذا؟ لأننا ما عوَّدنا أنفسنا على استغلال أوقاتنا، فافترض أن الشخص الذي تواعدتَ معه تأخَّر عليك، أَشغل نفسَك بالذكر، فهل عوَّدتَ نفسك على الذكر؟ لو عوَّدتَ نفسك على الذكر، أو على التلاوة، لكنتَ وأنت تذكر ربك أو تقرأ، تدعو الله -جل وعلا- ألَّا يأتي هذا الشخص الذي أبرمتَ معه الموعد، لكن ما تعوَّدنا على هذا، فصار همُّنا الأول والأخير مجيء هذا الرجل الذي واعدناه، فلذا صار الأثر عظيمًا، وصار الناس يقعون فيمن يتأخَّر عليهم ولو كان عذره مقبولًا.
وعلى كل حال إخلاف الموعد من خصال المنافقين.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء - سابقاً