الهادي التليلي
الترفيه يعد مثله مثل الشغل واللغة من المكونات الجوهرية لماهية الإنسان وهو ما جعل كل المؤتمرات العالمية المؤثرة في البشرية تجعل الترفيه من بين اهم ملفاتها.
فلو عدنا إلى مؤتمر السياسات الثقافية المنعقد في مكسيكو سنة 1982 والذي خلص إلى الوصول لتحديد مفهوم رسمي للثقافة «مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً معين، وتشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة كما تشمل الحقوق الإنسانية وتنظم القيم والتقاليد والمعتقدات، هذا التحديد تاريخياً بدوره كان نتاجاً لمخاض سابق نتج عنه ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948 إبان الحرب العالمية الثانية، حيث نصت المادة 24 «لكل شخص حق في الراحة وأوقات الفراغ» وهو ما أسس لميثاق الفراغ الدولي في الأول من يونيو 1970 على سبع مواد أساسية..
أولها لكل إنسان الحق في أن يكون له وقت حر؛ ثانيها للفرد الحق في الاستمتاع بوقت الفراغ، ثالثها لكل فرد الحق في استخدام منشآت أوقات الفراغ، رابعها من حق كل فرد أن تهيئ له سبل ممارسة الأنشطة الترفيهية، خامسها ضرورة وجود هيئات مسؤولة من مخططين ومهندسين وهيئات خاصة بالعمل على توفير الإمكانات لممارسة الأنشطة، سادسها لكل فرد الحق في تعلم واكتساب الأنشطة الترفيهية حتى يتمكن من استثمار وقت فراغه، وسابع هذه المواد لابد من التنسيق بين جميع الهيئات العاملة هذا المجال. هذه المكاسب والفتوحات لقطاع الترفيه سبقتها نقلة معرفية كبرى. سنة 1936 عندما أحدثت فرنسا أول وزارة للترفيه في العالم مع حكومة الجبهة الشعبية وللأسف سقطت بسقوطها.
وجدير بالتذكير أنه قبل ذلك مع الثورة الصناعية وانتقال المجتمعات من فلاحية إلى صناعية برزت حالة من الاغتراب والتهميش للإنسان كذات فبرزت الدعوة والنضالات من أجل إخراج الإنسان من مدار الأشياء إلى مدار الذات الفاعلة ولقد أبدع شارلي شابلن في تصوير ذلك في شريط الأوقات المعاصرة les temps modernes
إن الاهتمام بظاهرة وقت الفراغ والذي أفرزه الواقع المعيش أدى إلى ظهور علم مخصوص هو علم اجتماع الترفيه والترويح فظهرت كتابات كثيرة تند عن الحصر لعل من بينها كتاب «نظرية طبيعة الترفيه لمؤلفه فيلن سنة 1899 هذا الترفيه الذي يعرفه قاموس وستر بكونه الفعل الذي يسلي أو يرفه أو يجعل الوقت يمر بطريقة مبهجة والباحث الأمريكي فلابر يعرفه «كل ما يمنح أو يريد أن يمنح نوعاً من الارتياح من حقائق الحياة المتكدرة والرتيبة» ويعرفه شانون SCHANON انقطاع حيوي ومؤقت للحياة المملة.
وفي الحقيقة، لا يمكن التعرض للترفيه دون التعرض إلى مؤتمر جيناف للشغل سنة 1924 والذي نصت مخرجاته على ضرورة تخصيص أوقات فراغ يؤثث بمحتويات ترفيهية.
فالترفيه مصاحب للإنسان أينما كان لذلك اعتبرت المقاربة السعودية للترفيه على مدى التاريخ هي الأميز والأكثر وقعا حيث مست كل الشرائح وساهمت في التنمية وأثثت وقت الفراغ وأجابت على كل أسئلة المؤتمرات العالمية عبر التاريخ والتي اعتبرت الترفيه ضرورة حياتية وفقدانه يؤدي بالشعوب إلى الحروب والويلات فالمملكة العربية السعودية و من خلال هيئتها العامة للترفيه قدمت حلا للبشرية ومنوالا يمكن اتباعه.