محمد الخيبري
في انطلاقة تاريخية في دوحة الخير الأخضر يضع قدمه على طريق المجد.. هزيم الرعد، وعزيمة الأبطال، تلك هي الروح التي دخل بها الأخضر غمار البطولة العربية FIFA المقامة على أرض قطر الشقيقة، ليرسموا الفصل الأول من قصة قد تُتوَّج بالذهب.. ومع إسدال الستار على الجولة الافتتاحية، لا يمكن وصف الأداء السعودي أمام المنتخب العماني الشقيق إلا بأنه تأكيد مبكر على الجاهزية، وتعبير صريح عن نوايا الوصول إلى القمة.
لم تكن موقعة الافتتاح سهلة على الإطلاق؛ فمواجهة المنتخب العماني، المعروف بقوته وتنظيمه التكتيكي، تعد اختباراً حقيقياً لعيـار أي منتخب طامح. لكن الأخضر نجح في تجاوز هذه العقبة بنتيجة 2-1 في مباراة لم تكن مجرد ثلاث نقاط، بل كانت رسالة واضحة لكل المنافسين: المنتخب السعودي قادم بقوة هذا العام. ما يميز هذا الفوز ليس عدد الأهداف، بل الكيفية التي تم بها.
لقد عكس الأداء على أرضية ملعب المدينة التعليمية بالريان، ومنذ الدقيقة الأولى، عملاً دؤوباً وتحضيراً مبكراً وضع أساسه الداهية الفرنسي هيرفي رينارد.. مهندس العزيمة والتوليفة المثالية.. إذا كان هناك من يستحق الثناء الكبير بعد هذه الانطلاقة، فهو المدرب القدير هيرفي رينارد. لم يكتفِ رينارد ببناء منتخب قادر على المنافسة، بل عمل على صناعة شخصية البطل داخل المستطيل الأخضر، وذلك عبر محاور تكتيكية دقيقة.
التماسك الدفاعي الحديدي، كان الهاجس الأكبر هو صلابة خط الظهر، وقد نجح رينارد في إيجاد التوليفة المثالية لخط الدفاع، مانحاً إياه التنظيم الصارم والصلابة التي لا تكسر. هذا التماسك هو الضامن الأول لراحة خطي الوسط والهجوم.
التجانس الساحر بين الخطوط هو العنصر الأهم الذي ظهر بوضوح هو التناغم العضوي بين خط الوسط والهجوم.. لم يعد المنتخب يعتمد على اللمسات الفردية بقدر اعتماده على حركة جماعية سلسة، حيث تتحول الكرة من وسط الملعب إلى منطقة الجزاء بدقة متناهية وسرعة فائقة، مما يربك دفاعات الخصوم.
الإدارة الفنية الحكيمة للمباراة التي أظهرت تبديلات رينارد وقراءته لسير اللقاء مدى خبرته، حيث كانت تدخّلاته التكتيكية في التوقيت المناسب عاملاً حاسماً في المحافظة على التقدم وحسم النتيجة.. لقد اجتاز الأخضر أولى محطاته بنجاح باهر، لكن البطولة ما زالت في بدايتها، والوصول إلى القمة يتطلب مزيداً من العرق، والتركيز، والأهم من ذلك: الدعم الجماهيري والرسمي المطلق. إن اللحظة الآن تدعو الجميع، من قاعدة جماهيرية غفيرة إلى مؤسسات رياضية وإعلامية، إلى شحذ همم النجوم واستنفار طاقتهم الإيجابية.
يجب أن يشعر اللاعبون أن كل مواطن سعودي هو سندهم وداعمهم في هذه المهمة الوطنية.. إن هذه الكوكبة من النجوم تمتلك كل مقومات البطل: الموهبة، والروح القتالية، والتكتيك المنظم. ومع استمرار الأداء بهذا المستوى والروح، فإن مسألة وصول منتخبنا إلى الأدوار النهائية ومن ثم تحقيق لقب «بطل العرب» تبدو قاب قوسين أو أدنى، بل هي هدف مشروع ومنطقي.. لا نبالغ إذا قلنا إن هذه البطولة هي نقطة انطلاق جديدة للمنتخب السعودي. لقد أثبت الأخضر في الجولة الأولى أنه لا يخشى المنافسة، وأنه يحمل لواء الطموح ليرفعه عالياً في سماء الدوحة.
الثقة عالية، والتحضير مبكر، والروح المعنوية في عنان السماء. فلنتحد جميعاً خلف منتخبنا.. لأن المنتخب السعودي لم يعد مجرد مشارك، بل هو الآن وبكل فخر.. مرشح قوي لبطل العرب.