في أمسية احتفائية مملوءة بالشغف الإبداعي وحضور بارز من أصحاب السمو وعدد من كبار الشخصيات الدبلوماسية ورجال الأعمال ونخبة من الفنانين والإعلاميين والمثقفين، افتتحت مؤسسة الفن النقي في مدينة الرياض مساء الأربعاء 3 ديسمبر 2025 المعرض الفوتوغرافي الفردي للفنانة الأميرة ريم الفيصل بعنوان «أرض الحجيج والشعراء»، الذي يأتي كأحد أبرز الأحداث الفنية الفوتوغرافية في المشهد السعودي لهذا العام.
تحوّل جمالي وفلسفي في مسيرة الفنانة
اشتهرت ريم الفيصل على مدى تاريخها الفني برؤيتها العميقة للتعبير بالأسود والأبيض، حيث كان الضوء رفيقها الأوحد في صياغة الحكايات الإنسانية، وكانت الظلال بمثابة اعترافات بصرية لا تقل حضورًا عن النور.
لكن هذا المعرض يكشف عن تحوّل جوهري في تجربتها الفنية: انتقالها من عالم الأحادية المرهف إلى فضاء أوسع يحتفل باللون وتنوعه وقوة حضوره.
هذا التحوّل ليس مجرّد خيار جمالي جديد، بل هو - كما تعكسه كلمة الفنانة- تبدّل في فهمها للعالم وتواصل مع روح المكان الذي تعيشه السعودية اليوم: أرض تتحرّك وتنبض وتتجدّد.
تقول الفنانة في مستهل المعرض:
«لم أعد أرى الحياة طيفًا من الرمادي فحسب... بل انكشفت لي الدنيا كنسيجٍ نابض بالألوان. كل درجة لونية هي حكاية تصرخ أو تهمس... لكنها دائمًا تقول الكثير عن هذه الأرض».
المملكة بعدسة اللون : سردية المكان والروح
يجمع المعرض عشرات الأعمال الفوتوغرافية التي جالت فيها الفنانة أرجاء المملكة، من مدنها الدينية إلى بواديها الممتدة، ومن جبالها الشامخة إلى سواحلها الهادئة، لتُبرز وجوه الحياة في السعودية من خلال محاور عدة:
التراث العمراني كذاكرة متجذّرة في تاريخ الأمة.
الطبيعة وتضاريسها كمناطق دهشة وتنوع جغرافي فريد.
الإنسان والعادات والتقاليد في طقوس يومية واحتفالات روحية.
الحرمان الشريفان بوصفهما مركزين للروحانية الإسلامية ووجهة مليار مسلم.
ويتجاوز العمل الفوتوغرافي لدى ريم الفيصل فكرة التوثيق الجامد؛ فهو إعادة بناء للهوية البصرية من خلال لغة اللون ذات الدلالات العميقة.
قراءة نقدية: اللون كجذر جديد للرؤية
يقدّم المعرض فرصة حقيقية لدراسة تحوّل الفنانة من مدرستها الأحادية إلى فضاء جديد يمكن وصفه بـ»التعبيرية اللونية للتوثيق المعاصر»، حيث:
يصبح اللون بطل الصورة بدلًا من أن يكون عنصرًا ثانويًا.
تتخذ الصورة دورًا مزدوجًا بين الشهادة الفنية والسرد الاجتماعي.
يُستخدم الضوء كقوة مُفعّلة للون لا منافسة له.
بهذا، تفتح الفنانة مسارًا جديدًا في التصوير السعودي الحديث، يجمع بين الروح الشعرية والصياغة الجمالية الدقيقة.
تتأتى تجربة الفنانة على أنها: إضافة نوعية لمسار التصوير الفوتوغرافي السعودي، تؤكد نضج التجربة الفنية النسائية في المملكة كما أنها رحلة بصرية تتداخل فيها مشاعر الانتماء مع اندهاش الاكتشاف. كما تخلل الافتتاح جولة تعريفية مع الفنانة، استعرضت خلالها خلفيات بعض الأعمال والقصص الإنسانية وراء التقاطها.
دعوة لاكتشاف الوطن بعدسة جديدة
يمثل معرض «أرض الحجيج والشعراء» فرصة لكل زائر لرؤية المملكة بعين مختلفة...
عين تبحث عن جوهر الروح خلف التفاصيل، وتؤمن أن اللون هو لغة المكان... وأن المملكة أرض لا تُكتشف مرة واحدة.