سلطان مصلح مسلط الحارثي
تجرع المنتخب السعودي مجدداً مرارة الهزيمة، ليودع البطولة العربية من دور نصف النهائي بعد خسارته أمام منتخب الأردن بنتيجة 1-0، لتستمر معاناة الأخضر، كما استمر غيابه عن منصات التتويج منذ عام 2003.
22 سنة مرت دون أن يحقق المنتخب السعودي أي لقب، جيل كامل يعيش اليوم بيننا لم يذق طعم الإنجازات مع الأخضر، ولم يشاهده في يوم من الأيام بطلاً حاملاً لكأس بطولة.. هذا الأخضر الذي كان في يوم ما زعيما للقارة الآسيوية بـ3 بطولات قارية، وبطولتين عربية، ومثلها خليجية، وسبع مرات يتأهل لكأس العالم، نتساءل اليوم لماذا اختفى؟ ولماذا لم يعد بطلاً كما كان قبل عقدين؟
بالتأكيد أن لهذه الإخفاقات المتتالية أسباباً عديدة، لعل أهمها ندرة المواهب، فالملاعب السعودية تكاد تخلو من أي نجم يستحق هذه الكلمة، إذا ما استثنينا الأسطورة سالم الدوسري، الذي كان في هذه البطولة نجماً كما عهدناه، ولكن هل ينبغي على سالم أن يكون حارساً ومدافعاً ولاعب وسط ومهاجماً؟
منتخبنا يعاني ندرة اللاعبين الذين يملكون الإمكانيات، ومصداقاً لما نقول، لولا وجود سالم الدوسري في صفوف المنتخب السعودي، لما وصل لنصف النهائي في مونديال العرب، فسالم وحده هو من تكفل بصناعة أهداف المنتخب الـ6، وسجل الهدف السابع، فأين بقية اللاعبين؟.
هذا السؤال الذي ينبغي على المسؤولين في اتحاد الكرة، معرفة إجابته، حتى يصلوا لمعالجة الخلل الواضح! ولكن: هل اتحاد الكرة، يستطيع معالجة مكامن الخلل؟ ومن ثم نسأل، إن كانت هذه مستوياتنا ونتائجنا في البطولة العربية، فماذا سنقدم في كأس العالم القادمة، والتي وضعتنا قرعتها أمام منتخبات قوية؟ ومن ثم نسأل، ماذا سنقدم في كأس آسيا 2027 التي ستقام في السعودية؟
رينارد ومن قبله مانشيني، أوضحا علة المنتخب الكامنة في اللاعب السعودي، الذي لم يعد يجد الفرصة الكاملة، ولم تعد أنديتنا تهتم في الفئات السنية، بعد أن أصبحت تعتمد بشكل شبه كامل على اللاعب الأجنبي! هذا السبب لا يجعلني أطالب بتقليص عدد اللاعبين الأجانب، ولكن ماذا سيقدم اتحاد الكرة للاعب السعودي، وهو يراه يتقهقر ويتراجع؟ نحن نملك دوري قوياً، وأنديتنا بنجومها الأجانب استطاعت تحقيق البطولات الآسيوية، ولكن منتخبنا يتراجع ويضعف، فماذا يملك اتحاد الكرة من حلول؟.
نحن بحاجة إلى مراجعة الكثير من القرارات الاستراتيجية، ونحتاج إلى إدارة منتخب قوية، تستطيع الدفاع عن لاعبيها، الذين يُسَاء إليهم كل يوم، ونحتاج إلى مدرب يكتشف المواهب، وكم كنت أتمنى عدم تأهلنا لكأس العالم القادمة، حتى يستطيع المسؤولون البحث عن مدرب متمكن، ولاعبين يملكون الموهبة، لنستطيع صناعة منتخب قوي، يستطيع مجابهة المنتخبات المجاورة وليست العالمية، فالمنتخبات المجاورة طورت من قدراتها، ورفعت إمكانياتها، وحسنّت من جودتها، واستطاعت تجاوزنا، ولكن بعد تأهل المنتخب لكأس العالم، ليس أمامنا إلا الصبر على مدرب منتخبنا ولاعبيه، فالوقت قد مضى على تطبيق أي رؤية أو استراتيجية جديدة، وتلك الأخطاء يتحملها اتحاد الكرة، الذي أكاد أجزم أنه لا يملك أي رؤية واضحة حيال المنتخب السعودي، ولذلك سنخفق في كأس العالم 2026، وسيستمر الإخفاق في كأس آسيا 2027، وسنظل نردد نفس الانتقادات، ونكرر الاقتراحات، دون أن يتحرك اتحاد الكرة، وكأن هذا المنتخب لا يعنيه في شيء مع يقيننا بأنهم يتمنون النجاح للمنتخب، ولكنهم يتخبطون في عشوائياتهم.
قبل سنة وشهرين
اليوم، يتحدث الغالبية أن مشكلتنا في مدرب المنتخب الايطالي مانشيني، ولكن هذه المشكلة تعتبر صغيرة جداً، مقارنة بالمشاكل التي تعاني منها كرة القدم السعودية، اليوم نعاني من تخبط وعشوائية اتحاد الكرة، وعدم وضوح الخطط والاستراتيجيات «إن وجدت»، ولذلك لن يكون حل مشاكلنا بإقالة مانشيني، فالمدرب القادم سيحدث تغييراً نفسياً في مباراة أو مباراتين، ولكن سرعان مانعود لمستوياتنا الباهتة، فالعلة أكبر من مانشيني، علتنا اليوم تكمن في أن طموحاتنا عالية جداً، ولكن تلك الطموحات تصطدم بواقع مر، واقع يقول إن اللاعب السعودي بعد أن رُفع عدد اللاعبين الأجانب أصبح حبيسا للدكة، ومن يلعب منهم أساسي فهو مجرد تكملة للعدد، ولم يعد لدينا «نجم» نستطيع أن نراهن عليه، إذا ما استثنينا النجم الأسطوري سالم الدوسري، الذي أصبح وحيداً في منتخب لا يملك عناصر جيدة، وأصبح هدفا لمعتلي الإعلام الرياضي.
مشاكلنا العديدة، تحتاج وقفة صادقة من المسؤولين عن القطاع الرياضي، ومناقشتها بكل وضوح وصراحة، ومعالجتها بشكل يضع منتخبنا في مكانه المناسب، حتى وإن تأخرنا في ذلك، ولم نتأهل لكأس العالم القادمة، فنحن بحاجة لتشكيل منتخب قوي، يستطيع تحقيق كأس آسيا 2027 والتي ستقام على أرض المملكة، وبأدواتنا الحالية، لن نستطيع أن نحقق اللقب الآسيوي، ولا حتى الوصول لدور الـ4، ولذلك يفترض أن نبدأ من الآن، بوضع خطة نعيد من خلالها الأخضر السعودي، ولعل هذا الأمر، يحتاج مختصين من خارج اتحاد الكرة، للإشراف بشكل مباشر على المنتخب السعودي، واقترح أن يقوم بهذه المهمة أسطورة كرة القدم السعودية الكابتن سامي الجابر، ويتم تشكيل لجنة فنية معه، لمناقشة مشاكل منتخبنا، ووضع الحلول المناسبة لعودته، وأتمنى أن يتم تطبيق هذا المقترح بشكل عاجل، فالوقت ليس من صالحنا، وكلما تأخرنا، أصبح وضعنا يتأزم أكبر.
* هذه جزئية من مقال سابق كُتب بتاريج 17 اكتوبر 2024، فهل تغير شيء من واقعنا الكروي؟ وهل تغير شيء بعد إقالة مانشيني؟ علتنا يامسؤولي الرياضة أكبر من رحيل مدرب وقدوم مدرب.