د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
العنوان من رائعة المواطن الحفي بوطنه، الشاعر السعودي إبراهيم خفاجي -رحمه الله- في أوبريت «عرائس المملكة»..
ذلك البوح الذي مازال يستفزّ ألوية الإعجاب ويرفعها عاليا لكل ما ينساب من المحابر الوطنية المبدعة مما هو مثل ذلك الدفق الوطني الذي يحوي بين دفتيه السرد التاريخي والتأصيل الاجتماعي والمقاربة العسكرية والمقارنات الزمنية، وعمق الولاء الوطني الذي ينبثق من قوة الارتباط بالمكان؛ فالأوبريت الوطني عندما تحمله عبقرية الاستخدام تتعدد فيه مهام المعاني صورا عميقة ندية بكل خمائل الحاضر الجميل والماضي الذي له إطلالة فاخرة على الحاضر والمستقبل الأجمل بإذن الله، فتلتقط من وجيب الوطن مختلفا ألوانه فتعانق الحاضر، وتنفتح على المستقبل في جيوب العقول وأعماق القلوب ومن هنا لابد من دراسات أكاديمية تؤطر لأساليب تلقّي الفن الوطني الذي يجب أن يحظى بالدرجات العُلى من الاهتمام، وأن تكون له دوائر مضيئة تمحو التصحر المصنوع مما قل منه أو كثُر، والقصيدة الشاردة التي يسري نبضها ونبقى ننشدها كنشيد وطني للاعتزاز والحماسة، ونحملها فوق أعناقنا في محافل الوطن كرابطة تشجيع وطنية تدق طبول الانتصارات والفوز والسبق. والاستباق هنا على ثرى بلادنا المغدقة وفي تجلياتها وحضورها الدولي الذي أصبح وسما لمفهوم الصدارة والسبق والتميز، وأن يوقد الفن الوطني مشاعل الوطنية في فضاءات المكان والزمان فتضيء وتتجلّى، ويتأتى ذلك عندما يملأ الشعر أفلاك الشاعر فتُصاغ الملاحم الوطنية التي ترسم لوحاتنا الوطنية وتلون مراحل وجودنا ونهضتنا بما توشحت به من ممكنات الوجود الإنساني.
ومن هنا، فإننا نحتاج إلى مخزون من الملاحم الشعرية الوطنية من خلال استحداث برنامج وطني تتبناه وزارة الثقافة وتضع له إستراتيجية عملاقة تستكتبُ فيه المبدعين الوطنيين ومن ثم تخُرجُ تلك الملاحم الشعرية في أشكال فنية مسموعة ومرئية تتصدر صباحات المدارس والجامعات لتكون مفتتحاً لصناعة الحضارة الوطنية التي تتجذر في أعماقنا، وتتربع تلك الملاحم في كل منصاتنا التي نشارك فيها العالم، وتصدح ملاحمنا الوطنية في منافذنا البرية والبحرية والجوية وتنشر في تطبيقات التقنية كلغة عصرية ملزمة شائقة، ومن خلال الفن الملحمي أو الدراما الغنائية تتحلل أمام أجيالنا أعظم المواقف في الفكر الاجتماعي الوطني والاستيعاب الرسمي وتدشين منصة التاريخ الوطني بصياغات جديدة تتجاوز النمطية، وكم في جعبة المثقفين من رؤى فنية ثقافية وطنية تنشد التلقي والاستقبال الأمثل من وزارة الثقافة ؛ فلا نحتاج إلى جهد ذهني من أجل فهم أبعاد استقرار الوطن؛ فقط نحتاج إلى مراكب التحول إلى الوطنية والفن أحد أبوابها والشعر الملحمي الوطني وصياغاته الملونة مفتتح ناجح للوصول إلى أعماق الوطن واحتضان تاريخه والشراكة في إبراز منجزاته، وحتما سيكون هناك حكايات ملحمية كل واحدة لاتشبه الأخرى إلا في انتماءاتها للوطن الكبير المملكة العربية السعودية.
فشكراً يا وزارة الثقافة للاحترافية في التلقي الذي نشهده ونشيد به ونباهي به فالثقافة وحدها تحتضن أفلاك العقول لتدفئها.