تبرز المملكة العربية السعودية كنموذج اقتصادي رائد في المنطقة والعالم أجمع، بتكامل مسارات الإصلاح تنظيمياً وتشريعياً، وتتقاطع التراخيص الاستثمارية، ونمو الناتج المحلي، وتطور أسواق المال، ليكون الاقتصاد السعودي في عام 2026 .. ترسيخ لتحول وتعظيم العائد من التنويع، إذ لا تُقاس قوة الاقتصادات بالأرقام المجردة فحسب، بل بقدرتها على تحويل السياسات إلى فرص، والإصلاحات إلى نمو مستدام، والاستثمار إلى قيمة مضافة حقيقية، مع دور محوري لقطاع التقييم العقاري بوصفه أحد أعمدة الاستقرار الاقتصادي وجاذبية الاستثمار.
إن النمو الاقتصادي المتواصل باستدامة مدروسة، يعكس تسارع وتيرة الإصلاحات المرتبطة برؤية السعودية 2030، والتي ركزت على تبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية، وفتح قطاعات جديدة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وبالتوازي مع الطفرة الاستثمارية، واصل الاقتصاد السعودي نموه للفصل الخامس على التوالي، مسجلًا نسبة 3.9 % في الربع الثاني من عام 2025، مدفوعًا بالأنشطة غير النفطية التي نمت بنسبة 4.6 %. كما يعكس تنوع التراخيص، خاصة في قطاعات التشييد، وتجارة الجملة والتجزئة، والصناعات التحويلية، اتساع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وارتفاع الطلب على الأصول والمشروعات العقارية المرتبطة بهذه الأنشطة.
وبالتالي فقد شهدت الأعوام الخمسة الماضية تحولًا لافتًا في حجم ونوعية التراخيص الاستثمارية، إذ تضاعف عددها بنحو 20 مرة مقارنة بعام 2020، في مؤشر واضح على تحسن بيئة الأعمال وتطور الإطار التشريعي والتنظيمي. فقد ارتفع عدد التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 83.4 % على أساس سنوي، ليصل إلى نحو 6986 ترخيصًا، بعد استبعاد التراخيص المرتبطة بحملات تصحيح أوضاع التستر التجاري، وهو ما يعكس توازنًا متقدمًا بين القطاعين النفطي وغير النفطي، حيث ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى نحو 56 % من الناتج المحلي الإجمالي، في تأكيد عملي على نجاح سياسات التنويع الاقتصادي.
ومع التوسع الكبير في التراخيص الاستثمارية، وزيادة المشروعات في قطاعات التشييد والصناعة والخدمات، تصبح الحاجة ملحة إلى تقييمات عقارية مهنية تعكس القيمة العادلة للأصول، وتقلل مخاطر التضخم السعري أو سوء التسعير، وهو ما لا يمكن حدوثه وسط هذه التحولات، دون حضور التقييم العقاري كأداة اقتصادية استراتيجية، لا تقتصر أهميتها على تحديد قيم الأصول، بل تمتد إلى دعم استقرار السوق، وتعزيز الشفافية، وحماية حقوق المستثمرين، وتحسين كفاءة تخصيص رأس المال، بل ويسهم في دعم التمويل، خاصة في ظل التوسع في أدوات الاستثمار العقاري، ودخول الصناديق السيادية والمؤسساتية في هذا القطاع.، فما تشهده المملكة اليوم هو منظومة اقتصادية متكاملة، تتقاطع فيها السياسات الاستثمارية مع النمو الاقتصادي، وتتعمق عبر أسواق مال أكثر نضجًا، ويضبط إيقاعها قطاع تقييم عقاري مهني وشفاف. لا يُترك للنمو الصدفة، بل يُبنى على أسس واضحة، وقيم عادلة، ورؤية اقتصادية بعيدة المدى.
** **
- عمار الزغيبي