محمد بن عبدالله آل شملان
اختتمت مؤخراً في وادي الدواسر فعالية عام الحرف اليدوية 2025، في مهرجان ليالينا بمحافظة وادي الدواسر، الذي نظمته هيئة التراث، بعد أربعة أيام حافلة بالنشاط، والإبداع، والتنوير. كان الحدث مناسبة وطنية استثنائية جمع بين العقول الرائعة بين الأفراد ومختلف الجمعيات التراثية والقطاع الخاص، في أجواءٍ مليئة بالحماسة والفاعلية والرغبة في صناعة تجربة جميلة تنقلهم إلى الماضي بروح الحاضر، تستند على الفكر والمعرفة والتحسين المتواصل.
منذ اللحظة الأولى، شعَّ في المكان إحساس فريد بعدوى قيم التعاون والبساطة والاعتماد على الذات، طاقةٌ إيجابية انتشرت بين الجميع من المنظمين والمشاركين والكبار، وحتى الصغار الذين حضروا بكل شغف غير متناه ليشهدوا بأعينهم معنى الحرف اليدوية ويعيشوا تجربتها الحقيقية. تحوّلت الفعاليات إلى مساحة يتنفس فيها الزوار شغف التراث ومتعة الحرف اليدوية، فكان الإلهام يسري في زوايا الفعاليات كما تسري العدوى الجميلة، ليخرج الزائرون وهم في نشوة تراثية ملهمة وعارمة.
شهدت الفعاليات حضوراً ذا كثافة وتنوعا، مثَّل التكامل الحقيقي بين منظومة التراث والأفراد والمجتمع المحلي، شارك فيه الحرفيون والحرفيات، التي سالت مهاراتهم ومنتجاتهم بالأفكار الأصيلة.
أما مكتب هيئة التراث في وادي الدواسر فقد أبدع في تنسيقه للفعالية على أرض الواقع، فألهم الزائرين بعمق الرؤية وثراء التجربة وجرأة الفكرة، بحضور مدير فرع هيئة التراث بمنطقة الرياض الأستاذ منصور المعيلي. وقد تجسّد عام الحرف اليدوية 2025 في جميع تفاصيل الفعالية؛ فالأفكار كانت تولد على زواياها وفي ممراتها، والاعتزاز بالهوية يخرج إلى نور من العقول الطامحة، والأثر يظهر بكل وضوح في أنفس جميع من شارك، إذ غادر الكل وهو يحمل في ثنايا روحه الفخر والمسؤولية نحو التراث الوطني.
أما عن عناصر التراث، فقد قدّمت الفعالية خلال أيامها الأربعة عرضاً حيا مباشراً مع الزوار، شملت المجلس والقهوة السعودية والبناء بالطين والخط العربي والرسم وتلوين النقوش وحرفة الحلي والخرز والتطريز والمشغولات الخشبية والعرضة السعودية والسامري.
وأجدها فرصة سانحة لشكر الرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر بن سليمان الحربش وفريق عمله المتفاني على جهودهم البديعة في تفعيل عام الحرف اليدوية 2025 للظهور بالصورة المشرفة التي جاء عليها، وهو من دون أدنى شك برهان على حرص ومتابعة حكومتنا الرشيدة، لكل الجهود المبذولة، وتقديرها لفرق العمل السعودية المبدعة المتميزة.
لقد كانت هذه الفعالية محفلاً تراثياً مميزاً، وحدثاً جمع بين الرؤية والعمل، وبين الأمنية والتطبيق، ودلَّل على أن العقول السعودية حين تُمنح المساحة والاهتمام، تُبدع وتصنع تأثيراً مشاهداً يتعدى التوقعات.
مع نهاية هذه الفعالية فإن حرفيي وحرفيات وادي الدواسر يحدوهم الطموح والأمل، بوجود مركز متخصص يحتضنهم، ويحفزهم على مزاولة هواياتهم بصورة متواصلة ومستقرة، ويجعل من مشاريعهم وسيلة لرفد الاقتصاد المحلي، من خلال تسويق منتجاتهم على الزائرين والسائحين طيلة العام.