«الجزيرة» - عبدالعزيز الهدلق:
طريقة لعب الهلال الممتعة التي تشبه العزف الكروي الشجي، والتي تجمع جمال الكرة بمتعتها بما يجعل المتابع يعيش سلطنة كروية فاخرة، تمنح الفريق الأزرق علواً في المستطيل الأخضر، وتمكنه من الهيمنة على مجريات كل مباراة يلعبها مهما كان اسم الطرف الآخر، سواء محلياً أو قارياً. وينتشي كل متابع حتى ولو لم يكن هلالياً مع جمال الحالة الطربية لفرقة العزف الماسية الزرقاء.
ولكن ما يعيب هذا الأداء الممتع والشيق عدم توافق محصلة الأهداف المسجلة مع الفرص المصنوعة، والجهد المبذول.
وهذا العيب الفني سببه عدم مواكبة لاعبي خط المقدمة وبالذات المتواجدين في مركز رأس الحربة لبقية لاعبي الفريق من الناحية الفنية، فهناك فجوة إمكانيات فنية كبيرة بين لاعبي الفريق كمجموعة ومن يلعب في مركز الهجوم كرأس حربة.
فلا الارغوياني نونيز ولا حتى البرازيلي ليوناردو قادران على استثمار فرص التهديف التي تتهيأ لهما وتسجيلها أهدافاً، وهذا يمنح الفريق المقابل أريحية أكبر وهو يرى هذا «العمى» الهجومي الأزرق، فذلك يرفع معنوياته ويدفعه للمبادرة بمهاجمة الهلال ومباغتته، وبعض هذه الفرق يستطيع التسجيل وربما يقلص الفارق مثلما فعل الخليج في المباراة الدورية الأخيرة، أو يتمكن من إدراك التعادل رغم الفارق التهديفي مثلما فعل الأهلي.!
ولو عدنا للماضي الفريق لوجدنا الهلال فريقاً مرعباً هجومياً عندما كان يقود مقدمته الصربي الجلاد ألكسندر ميتروفيتش، وقبله الأسد الفرنسي المرعب بافيمتي غوميز. واللذان بعد رحيلهما لم توفق الإدارة في استقطاب من يملأ الفراغ الذي تركاه و يكمل أداء المجموعة، ويترجم الفرص الزرقاء التي تنهمر كالمطر في مناطق جزاء المنافسين.
وكم عانى الهلال في مركز رأس الحربة قبل أن يحضر الأسد غوميز، والذي بعد مجيئه خضعت البطولة الآسيوية، ودانت للهلال بعد تمرد. ذلك أن مركز رأس الحربة هو المركز الذي يترجم عمل المدرب وجهود اللاعبين في كل الخطوط والمراكز، ولذلك فإن الهلال اليوم بأمس الحاجة إلى مهاجم من الطراز الأول يكمل عمل المجموعة، ويتوج جهود زملائه، وينصف عمل المدرب. ومالم يحضر مهاجم رفيع الصفات والخصائص التهديفية فإن الهلال سيعاني كثيراً وهو يخوض منافسات الدوري وكأس الملك وكأس النخبة الآسيوية.
وقياساً بفرق الدوري، وكذلك رباعي كأس الملك، وأيضاً فرق النخبة الآسيوية فالهلال هو الأفضل بلا جدال وبفارق واضح، ولكن ما يصعب عليه مواجهة هذه الفرق افتقاره للمهاجم «الفتاك»! الذي كل ما عليه أن يحول كرات زملائه التي تصل إليه كالمطر من كل اتجاه إلى أهداف والذي إن حضر يمكن للمشجع الهلالي أن يرتاح ويطمئن للفوز قبل كل مباراة مهما كان المنافس، وهنا فقط يستطيع المشجع الهلالي أن يقول إن فريقه قد اكتمل.
ومن المؤكد أن مدرب الفريق يدرك جيداً أن نقطة ضعف فريقه هي مركز رأس الحربة، وأن هذا المركز هو المقلق له، ففي مباراة الهلال والخليج الأخيرة في دوري روشن بدلاً من أن تنتهي المواجهة بما لا يقل عن خمسة أو ستة أهداف زرقاء نظيفة انتهت (3/ 2) بسبب سوء استثمار الفرص، ورداءة التعامل الفني الهجومي مع الكرات السهلة التي كانت متاحة للتسجيل.وخرج الجمهور الهلال حزيناً رغم فوز فريقه.
ومن المؤكد أيضاً أن إدارة النادي برئاسة سمو الأمير نواف بن سعد تدرك تماماً هذا الخلل، لذلك يجب أن تستجمع قواها الإدارية والمالية وتصحح وضع الفريق في فترة الانتقالات الشتوية التي باتت على الأبواب، فمن الصعب أن تبذل الإدارة كل الجهود لصناعة فريق قوي باستقطابات ذات قيمة عالية، وتتعاقد مع جهاز فني قدير مصنف عالمياً، ثم تعجز عن استقطاب مهاجم جيد! لأن هذا العجز يعني أن كل العمل السابق لن يكون له قيمة أو معنى! أو أن نتائجه ستكون مرهونة بالدعوات وبالرجاء ما بين لعل وعسى!
طالما كان الثلاثي نونيز وكايو وليوناردو هم المتواجدون في خط الهجوم، وهم من ينتظر منهم محبو وعشاق كبير آسيا تمزيق شباك المنافسين! فيما يشبه انتظار تحول الوهم إلى حقيقة والسراب إلى ماء يروي عطش الظمآن.