في مرحلة دراستي الثانوية بحائل كنت أطالع في كتاب اسمه العصامي لعاشق بن عيسى الهذال ولم أكن أعلم بأن هذا الكاتب من حائل وفي ذات يوم دار حديث في الرياض عن المعنيين بالقصة وروادها فسألني أحد الحضور من المتحدثين عن القاص عاشق الهذال الحائلي فعادت بي الذاكرة إلى العصامي بعد أن فوجئت بأن الهذال صاحب العصامي إنما هو من حائل ومن أوائل المشتغلين بالأدب.
لم يكن عاشق وهو (أبو عبدالسلام) وهذه كنيته في حائل آنذاك ولعله كان في الطائف غير أن الأيام دارت دورتها وعدت أنا من الرياض إلى حائل وكنت قد غادرتها للدراسة وكان الشوق يهز بعض الحائليين إلى إيجاد مظلة ثقافية تتبنى المواهب وتخدم النتاج الفكري والأدبي ويلتقي الناشطون ثقافياً في إطارها وفي ضوء نظامها وإمكاناتها.
عرفت أبا عبدالسلام في هذه الأثناء وقد عاد هو الآخر إلى المنطقة وتم افتتاح فرع للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بحائل وتم اختيار الأستاذ عاشق رئيساً للفرع وكنت مسؤولاً عن النشاط الثقافي وأسندت الجمعية مهام النشاطات التراثية والفنون إلى بارزين أكفاء من الأخوة الفضلاء.
عملنا في الفرع فرسخت معرفتي بالأخ الهذال وآنست فيه حب الأدب والثقافة وسماحة النفس مع ما يجود به من الطرائف واللطائف الأدبية والبلاغية وكان اتصاله بالدراسات العربية القديمة وثيقاً ونشأت بيننا في الفرع علاقة قوامها الود والمحبة والألفة والانسجام.
ظلت الصلات بيني وبين من عملت معهم ومع الأخ عاشق عامرة لم تنقطع وكان لأبي عبدالسلام وهو محب الجميع من اللطف ما جعل ذكراه عامرة في النفس ولئن كانت مشاغل الحياة قد نأت مؤخراً بكل واحد منا عن صاحبه فإن الذكريات الجميلة التي يزينها الأدب والفن تخفف من وقع الانقطاع عن أولئك الأخوة ومنهم بل على رأسهم أبو عبدالسلام عاشق بن عيسى الهذال.
