Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
الملف
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 

الهذال أديب يعشق البيئة والحياة
عبدالرحمن بن زيد السويداء

 

 

عرفته بعد أن عاد إلى حائل وطنه الأم، وبالأخص بعد أن تفرغ من العمل الرسمي عندما تقاعد ورأس فرع جمعية الثقافة والفنون بحائل، بعد أن شغل قبل ذلك مدير الشؤون المالية والإدارية بكلية المعلمين بحائل وقبلها مدير العلاقات العامة، وقبلها مدير العلاقات الخارجية بوزارة المعارف ومدير العلاقات العامة بشؤون الموظفين، وقبل ذلك كان مدرساً بالمرحلة الابتدائية ثم مديراً للمدرسة، هذه الوظائف التي شغلها ربطته بالجمهور والتفاهم وجها لوجه منذ مرحلة الطفولة وحتى مراحل الأعمار المختلفة فلمس احتياجاتهم واطلع على مشاكلهم، عرف شؤونهم، وتحسس شجونهم، وهذا ما زاد من ذخيرته ومخزون ذاكرته عن تفاعلات البيئة التي رصدها في كتبه التي أسهم فيها، عرفته في هذه الفترة التي أشرت إليها وكنت أتردد على حائل بين الفينة والأخرى فأزوره في مكتبه أحيانا، ونمضي معاً في بعض الأماسي التي أزوره في منزله، عرفته لطيف المعشر، حلو الحديث، لا يخلو حديثه من دعابة لطيفة يدسها في ثنايا حديثه العذب، يصاحبها ابتسامة عريضة تنساب من خلالها تلك الدعابة لتقع على السمع وقوع قطرات الغيث على وجه الممحل المتشوق لبرودة تلك القطرات، كانت الأحاديث بيننا ذات شجون في مختلف المواضيع الأدبية يشعر محدثه بأنه على جانب كبير من المعرفة والاطلاع ولديه مخزون كبير من الرصيد الثقافي والمعرفي يمكن معه أن يستمر مع محدثه، ولديه آراء صائبة في بعض المفاهيم الثقافية المطروحة على الساحة إيجاباً وسلباً، وقد سألني عنه بالرياض بعض الشخصيات الأدبية وأثنوا عليه ثناء عطراً، وهذه شهادة له تدل على قدرته وقوة ارتباطه بالآخرين، وأثره وتأثيره في أي مكان حل فيه، وبما أنه عمل بمهنة التدريس التي عمل بها كثير من الشخصيات الثقافية البارزة وهي بمنزلة مهنة رعاية الغنم التي عمل بها الأنبياء عليهم السلام، هذه المهنة التي تعطي الإنسان عمقاً في معرفة طبائع الناس وتصرفاتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم، وكان له نظرة جيدة في الشعر الشعبي ومضامينه وأهدافه فألف فيه (مختار من الشعر الشعبي) وكان باكورة إنتاجه، ولديه ميل شديد أصبح منهجه، هذا الميل لرصد القصص النابعة من البيئة التي يعيش فيها وأول كتبه في هذا المجال (العصامي) وكان جامح الخيال بعيد المرمى، وكتبه كلها ذات عناوين مثيرة تجذب القارئ إلى قراءتها مثل (عرس في المستشفى) و(دلال الحمير) و(الكلب والحضارة) ثم (الفرسان والفارس) بالإضافة إلى كتابه عن جبة، كل هذه الكتب القصصية من إفرازات البيئة التي التصق بها وبدأ ينبش في خباياها وأسرارها وحكاياتها وكل ما تزخر به البيئة المحلية من الرؤى الجميلة والمباهج الفاتنة التي تدخل السرور إلى النفوس والراحة للعقول والفرح للقلوب وما تحويه من المعاناة والظروف القاسية والمناظر التي تدعو للرأفة والرحمة والشفقة، فهو كغائص في غبة البحر ليخرج منه اللآلئ النفيسة والأصداف الرخيصة والطحالب المؤدية، ولم يركز على الجانب الايجابي، بل طرق الجانب السلبي كذلك، وهذه من ميزات الكاتب الصادق في كتابته الذي يأتي بالشيء وضده، لا من ينتقي ما يريد ويغضي عما لا يريد.

فإلى أبي عبدالسلام مني عاطر التحية وجميل الأمنيات والتوفيق المضطرد.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة