Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
الملف
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 

الكاتب والقاص عاشق الهذال:
لقيت في جمعية الثقافة المرارة .. والإنكار .. والعقبات

 

 

* حوار - عبد الحفيظ الشمري

الكاتب عاشق الهذال عُرف منذ عقود بمداومته على مشروعه القصصي الذي يستظهر حقيقة البيئة المحلية التي تكتنز في أعطافها الكثير من الصور المعبرة، والقصص الطريفة، والمواقف العظيمة، فكان القاص عاشق الهذال مثالاً يُحتذى به في نشر الثقافة البيئية من خلال الأعمال الأدبية، فكان مشروعه الأدبي إضمامة من المؤلفات القصصية؛ منها: (قصص من البيئة)، و(الكلب والحضارة)، و(دلال الحمير)، وأعمال أخرى تصبّ في ذات الاتجاه، وتثري الحديث حوله.

القاص عاشق الهذال ظلّ طوال مسيرته الأدبية وفياً للهدوء والعمل بصمت، حتى إنه لم يشأ أن يعرِّف بأعماله وعطائه تواضعاً يعكس أخلاقه الجمة.. فكانت للهذال تجارب عملية وإنسانية كثيرة، وتعاضدت رؤيته من رؤى أحبته ومجايليه في هذا المشروع الإنساني المعبِّر عن حب الحياة والناس.. فها نحن في المجلة الثقافية نحاور الأديب عاشق الهذال حول هذه المحطات والمنعطفات في حياته، وهاكم الحوار الذي جاء على هذا النحو:

* بدايةً نودّ أن نتعرف على مكانة العمل القصصي.. أين هي الآن..؟ وهل هي في الصفوف الأولى من مسرح الإبداع؟

- أجد العمل القصصي ليس في الصفوف الأولى من الإبداع، بل هو كما كتبت من البيئة نتيجة حصيلة قرائية طويلة.. وهو بمثابة تنفيس، وهو بين الحيادية.. ويقرب أن يجول بين محاريب الإبداع المصور للبيئة قدر المستطاع بحيادية المحب لأناسة بلا صراحة جارحة.

* لعاشق الهذال تجربة طويلة مع الفن القصصي في أي منعطف أنت الآن بعد هذا المران الطويل مع الإبداع؟

- تجربتي مع السرد جعلتني أقرأ أكثر بتأمل في الحياة والأحياء وما أعطاه الله تعالى لكل إنسان في هذه الحياة من صفات.

* ماذا أعطتك القصة؟ وهل أخذت منك أشياء ثمينة؟

- أعطتني القصة أن أفرق بين نفسي والناس وما ركب في نفوسهم من خطأ ومن صواب.. وكثيراً ما يرد قول القائل: (لعل له عذراً وأنت تلوم).

* تجربتكم مع فرع الجمعية بحائل كيف تنظرون إليها؟

- تجربتي في فرع الجمعية للثقافة والفنون في حائل على رغم اصطدامي بكثير من العقبات ومشكلات التأسيس والإقناع.. وما لقيته من البعض فيه القليل من المرارة، والإنكار، وقلة الدفع المادي، بذلت مع إخوة كرام الكثير من التحدي.. وقام لها عدة أنشطة بل الكثير من الأنشطة أكثر من ستة أعوام، مع أنني كنت مقدراً لإدارتي لها 3 سنوات.. وتركتها بعد التراجي من الأعضاء بصعوبة؛ فكأنا أكره أنصاف الحلول.. ونفسي تعاف الأضواء.. فالجد جد، وكفى!!

* ماذا بقي من ذكرى الأديب الراحل فهد العريفي يرحمه الله في ذاكرتك وذاكرة الحائل؟

- ذكرى أستاذنا الأديب فهد العلي العريفي باقية في القلوب؛ فهو كما سماه الأستاذ فهد السلمان الجبل الثالث لأجا وسلمى، وإن غاب جسده فلن يغيب ذاك الإنسان الرائع وسجاياه الحميدة التي قلّ مثيلها في هذا الزمن الرديء.. مواقفه لن تُنسى.. ومن ظنّ نسيانها فقد غوى.. فهو المحبّ للوطن؛ فهو يرحمه الله كما قال الشاعر أحمد صالح:

لقد سنّ في نفسه سنة

من الخير صار بها يُذكر

الآن لقصاده جانباً

ومديداً بالندى يقطر

وما ضاق صدر بأحبابه

وما ملّ مجلسه حضر

... إلخ

فهد العلي العريفي في ذاكرتي وذاكرة الناس في حائل وفي غيرها على امتداد الوطن طولاً وعرضاً؛ فهو يحب الخير للجميع، ولا بدع ولا غرابة أن يحبه الجميع.

إن من عرفه لن ينساه سواء طالب خدمة أو سواها.. قلّ من يقصده ولو بمشورة أن يرجع خائباً.. عندما يقدم له الشكر يرد عليه بالعفو.. العفو.. قلبه كبير، إنسانيته لا متناهية، يعي ما يقول، ويعبر بجدارة، ويكره أنصاف الحلول.. فقده الجميع وحائل وإنسانها.. حائل التي علمته الحب بمعناه.. فأحبّ وحبّ.. ولم يندم على عبارة قالها أو كتبها.. فهو صادق، والصدق يدعو إلى البر، والبر يدعو إلى الجنة بحول الله.

ولقد أحسن ابنه الفاضل أحمد الفهد في جمع ما كتب عنه في الصحف من مراثٍ وأشعار من محبيه من طول البلاد وعرضها.. عن الرجل الإنسان.. في كتاب سمّاه (وداعاً أبا عبد العزيز)، عمل يحمد عليه.. إنه البر والبر وحده.. وبعد ذلك جاء التكريم بأن سُمِّي أحد الشوارع باسمه في مدينة حائل.. وبانتظار قيام أحمد الفهد قيام مكتبة.. بدأت نواتها باسمه تليق بمكانة فهد العلي.. مع مؤلَّف عن الفقيد.. والأمل في الله ثم في الإخوة بحائل أن يرى النور؛ ففهد العريفي باقٍ في قلوب محبيه وصحبه رحمة الله عليه؛ فهو بالنسبة لي وللجميع المعلم الراقي الذي لا يتأفف، بل يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون.

* من هم أصدقاؤك بعد الراحل فهد العريفي؟ هل لا زلت على تواصل مع عبد الفتاح أبو مدين؟

- الأصدقاء بعد الراحل العريفي أصدقاء وإن قلّ التواصل، وكذا الأستاذ الفاضل عبد الفتاح أبو مدين؛ فالتواصل والدعاء بظهر الغيب أجمل، والعمدة على القلوب كما يقال.

* تعكف هذه الأيام على إعداد موسوعة حول الثقافة في منطقة حائل.. أود أن أقول (الثقافة الحائلية) لكنني أخاف من شلة المتحضرين الفارغين؟

- إعداد موسوعة عن الثقافة فهي ليست كذلك، بل فصول كتبت بعضها ووقفت وسأعود لإكمالها إن قدر لي ذلك.. ولا خوف على ثقافة حائل من المتحضرين الفارغين كما سميتهم.. فحائل وثقافتها تنبض بالحياة وللثقافة طعمها.

* هل تتابعون أستاذ عاشق تحولات الرواية المحلية؟ وماذا تقول عن تجارب بعض الروائيين من أمثال تركي الحمد وغازي القصيبي ورجاء عالم؟

- متابعتي عن الرواية المحلية ليست بالكثيرة، وعلى ذكرك عن تجربة البعض فأرى أن الصمت أفضل والزمن كفيل بالفرز المحدق بجدية وسيأتي من هو أقدر مني.

* خرجت العديد من الأعمال الروائية الجديدة.. ما رأيك فيها أو في بعض أسمائها؟

- الروايات الجديدة أراها جديرة باللحاق بالروايات العربية، وهذا رأيي المتواضع.

* هل أنت مع الشعر.. وهل تتذوقه؟

- كنت مع الشعر وتذوقته.. ولي فيه تجارب أهملتها مع الأيام، وأتذوق طعومه الجيدة.

* النقد الأدبي.. هل ترون أنه مفيد للعمل الأدبي؟

- النقد مفيد في المجال الأدبي والثقافي والمعرفي إذا ابتعد عن الأهواء والمصالح الشخصية والأمور التي لا تخدم حركة الإبداع والأدب على وجه الخصوص؛ لأن النقد الأدبي لدينا غالباً ما يحاول بعض المتنفذين في شأنه أن يحاول طمس بعض المعالم التي يقدسها الآخرون، وهذا هو النقد غير المفيد.

* هل أنت مع ما يُقال عن التجديد في العمل الأدبي؟

- التجديد مطلوب في أي مجال إنساني؛ فالحياة بطبيعتها أخي الكريم متجدِّدة، فليس الأمس كاليوم، إلا أنني أودّ التأكيد على أمر مهم، وهو ضرورة التجديد في الفن الأدبي مع المحافظة على الثوابت.

* أستاذنا الكريم.. هل هناك غموض في التجربة القصصية، ولا سيما أنك من جيل أسّس للقصة المحلية؟

- الغموض لا أراه مجدياً كالرمزية وكتابة الأديب لنفسه.. وأرى أن الواقع خير.. ويقال: الخير في الواقع.. وإن وجد الغموض يجب أن يكون قليلاً حسب الظرف الاجتماعي.. فالمجتمع له خصوصياته.. وعدم استفزازه بأشياء ضررها أكبر من نفعها.. فالأدب عامة للحياة وللأحياء، وهو حادٍ لركب المسيرة السوية لأية أمة تحاول أن ترقى.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة