Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
الملف
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 

عاشق.. الأدب والمجتمع!
حمد الراشد

 

 

إنه قامة باسقة من قامات الأدب في وطننا، قرأنا له مع الجيل العريق من كبار أدباء الوطن تنوعاً من الأعمال الأدبية ولكنه تميز بأدب القصة القصيرة، وصور بقلمه الفذ وأدبه الاجتماعي اختلاف الأجيال في مراحل زمنية متفاوتة، وما تخلل تلك المراحل من عادات وموروث وثقافة تدرجت من البسيط إلى الأكثر تركيباً، كما صور بأدبه التغيرات الاجتماعية بين طرفي البساطة والتناقضات من خلال مجموعات من القصص القصيرة لها ارتباطها بالبيئة الاجتماعية المحلية.

كل أساليبه النابضة من قلب أدبه الاجتماعي يجدها القارئ تقدم الأديب عاشق الهذال الذي أحس بآلام مجتمعه وما يدور فيه من مآسٍ تارة ومن أفراح تارة أخرى، وما بين المآسي والأفراح من تداخلات قدمها أديبنا برسالة أدبية غنية امتزجت فيها نظراته مع تنوعات المجتمع بكل ما تحمله محاولاً وضع تصورات خاصة وعامة وأهدافاً لكي يساهم في رقي وتنمية مجتمعه أدبياً وثقافياً وفكرياً.

في مجموعته القصصية (الكلب والحضارة) وعنوان المجموعة مقتبس من عنوان قصة داخل المجموعة، وهي مجموعة من البيئة الاجتماعية يمتزج بها المكان برائحته الاجتماعية والزمان بذاكرة الأجيال شباباً وكهولاً نساءً وأطفالاً، ويمتزج بها الإنسان المعايش لهذه البيئة، ومن هذه العناصر الثلاثة تتداخل متغيرات اجتماعية كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر نجد الفقر وصراع الحياة وعادات المجتمع (تلك العادات التي تتراوح بين الطيب من جهة والمكر والخداع من ناحية أخرى)، ومن خلال تداخل العناصر الأساسية مع هذه المتغيرات يحاول المؤلف أن يصور أدبياً وقائع اجتماعية، مضيفاً إليها رؤى وتفسيرات معينة تحمل أدبه الخاص، ونلاحظ بأن بعض القصص في المجموعة لها نهايات يرتاح إليها القارئ وتكون بعض القصص مفتوحة دون نهايات تاركاً للقارئ احتمال ما يراه من نهاية حسب تصوره، وبذلك يشارك القارئ بقدح ذهنه من خلال تساؤلات اجتماعية لها قيمتها.

ونجد في قصص المجموعة وقائع وتفسيرات مختلفة لأسباب هذه الوقائع وغاياتها، ففي بعض القصص نجد سخرية من الانهماك في الجشع المادي، وفي قصص أخرى تصوير للعادات السيئة في المجتمع وتنبيه المجتمع نحو ضرورة تغييرها، وفي أخرى نجد إبراز أهمية حياة البساطة وما تشكله من حياة كريمة وسعادة، وفي أخرى توضيح سلبية خضوع بعض أفراد المجتمع للخداع والتضليل وتأثير ذلك على مستقبل حياتهم، وفي أخرى نجد محاولة تصوير الأثر السيئ للغرور ونتيجة البطر على الأفراد وعلى الأسر في المجتمع، كما تمتزج بأغلب القصص مآسي المجتمع وما تشكله من ذكريات أفراده من مشاعر نفسية وحزن وندم على فرص ضائعة، ويحس القارئ بأنه يعيش بنفسه تلك الذكريات لتشابهها في عصور مختلفة للمجتمع نفسه.

ومع ما يحمله المجتمع من سلبيات وجوانب سيئة إلا أن أديبنا عاشق الهذال يختار قصة جميلة في آخر المطاف بعنوان (وقار الحب) يصور من خلالها ما يتميز به الأفراد الطيبون في المجتمع من صفات نبيلة أهمها طيب العشرة والوفاء والتمسك بالمحبة بالرغم مما يواجهونه من مصاعب ومآسٍ في حياتهم، ويبقى أدب عاشق الهذال صرحاً في ذاكرة المجتمع.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة