Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
تشكيل
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 
قصيدة
كم أبكم ملأ الحياة مواهبا!
جاسم العساكر

 

 

إلى كل أصم نابت حركاته عن بليغ أقواله وترجمت إشاراته خلجات آماله

نطقتْ رؤاه بما المشاعرُ تكتمُ

والطرف يبدي قوله ويترجمُ

يختال بالرمز المبين كأنما

في كل عضو من ملامحه فمُ

وكأنما اللفظ الصموت بلاغة

عند التحدث.. والجوارح معجمُ

عجباً له من صامتٍ متحدثٍ

بين العوالم.. بالإشارة يفهمُ!!

حركاتهُ هي صوته، فملامحٌ

تبدي المنى وأصابعٌ تتكلمُ

ويداهُ أغنيتان في شرحيهما

لحنٌ يطير به الهواء منغمُ

تصغي له كل الجهات إذا حكتْ

كف تهامسُ أو شفاهُ تتمتمُ

ويكاد حتى الجلد فوق عظامهِ

أن يستشفّ بما تكنَّ الأعظمُ

قطف المطامح من علو مقامها

حيث الإرادة والعزيمة سلمُ

وأتى يبوح عن النجوم حكاية

وضاءة.. قد طرزتها الأنجمُ

تتباين الأدوار فيه كمهنة:

فمهندسٌ هذا.. وذاك معلمُ

قلبٌ رقيقٌ مرهفٌ وأضالعٌ

تحنو، ووجهٌ ضاحكٌ متبسمُ

يصف الأمور مخاطباً أقرانه

بلطافةٍ.. فكأنما هو يلهمُ

يروي الحكاية مثل شيخ مبدع

في القص يبتدئ الحديث ويختمُ

لا فرق يبدع في الشروح مفصلاً

فرموزهُ، هي والفصاحة توأمُ

سبحان من خلق اللغات بحكمةٍ

في الكائنات لها نظامٌ محكمُ

من علم الأطيارَ فوق غصونها

تشدو فلا تخطي ولا تتلعثمُ!!

من علّم الأفلاك في دورانها

ألا يزلّ مؤخرٌ ومقدمُ!!

من علم الأنهار في جريانها

عدلاً توزع ماءها وتقسمُ!!

ما المجد، لقلقة اللسان وإنما

المجد أن المبدعين تقدمُوا

المجدُ أن يحيا اللسانُ بمعزل

عن كل ما قالَ (الكتابُ): محرّمُ

كم أبكم ملأ الزمان مواهباً!

ومثرثر هو في المواهبِ أبكمُ!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة