Culture Magazine Monday  10/09/2007 G Issue 215
عدد خاص
الأثنين 28 ,شعبان 1428   العدد  215
 
شاعر الأزمنة والأمكنة
علي الحسن

 

 

حفظنا شعره وكانت كلماته العذبة أول ما فتح لدينا أولى صور الطفولة الحالمة وتربت على إيقاع شعره الرشيق أجيالا وأجيال حتى أصبح اسمه لصيقاً بأيام الطفولة وذكريات مقاعد الدراسة الأولى.

شاعر الطفولة بامتياز صاحب الكلمة العذبة والايقاع الجميل والأناشيد التي رددها الأطفال في كل بقاع الوطن العربي في حالات فرح لها خصوصية استثنائية.

سليمان العيسى وقد طوى 85 عاماً ونيف لا يزال يتألق بذاكرة متقدة تشع حكايا وذكريات ومواقف ولا يزال أيضاً رجل الحلم الذي دخل عوالم الطفولة منذ ثلاثين عاماً ولم يغادرها حتى اليوم ورغم أنه كرس حياته لهذا النوع من الشعر إلا أنه يكره كلمة (الالتزام) لأنه يرى أن هذا التعبير مصطنع مهما أجيدت صياغته فالإنسان لا يلتزم لون عينيه ولا تنفسه الطبيعي ولا جلده الذي يعيش به هذه الأشياء هي طبيعته ووجوده يكون معجوناً بها ومفطوراً عليها وهي التي تجعله يعيش حالة الانسجام الروحي مع ذاته.

في قرية النعيرية وحارة تحمل اسم بساتين العاصي فتح عينيه على الحياة عام 1921 وفي كتاب الشيخ أحمد ? والده - حفظ القرآن عن ظهر قلب وأتقن الخط ومبادئ العربية وحفظ عشرات القصائد من الشعر العربي وبدأ يكتب أولى قصائده وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره بعد من إحساسه بمعاناة الناس من حوله وكانت أولى قصائده:

ألا أيها الفقراء موتوا لكم في جنة الفردوس قوت

لقد بنيت لكم ثم البيوت وكوثركم بها يجري شهيا

ورغم أن انطلاقة إنتاجه الشعري كانت من الشعر القومي لكنه توجه بكل اهتمامه وشاعريته الى عالم الطفولة بعد نكسة حزيران وقدم نتاجاً شعرياً ضخماً تنوع بين النشيد والمسلسلات الشهرية والحواريات وحرص على أن تتوفر في أناشيد الصغار اللفظة الرشيقة الموحية الخفيفة الظل والبعيدة الهدف والصورة الشعرية الجميلة التي تبقى مع الأطفال من واقع حياتهم وأمانيهم وأحلامهم البعيدة تحمل الفكرة النبيلة الخيرة والوزن الموسيقي الخفيف الرشيق الذي لا يتجاوز ثلاث أو أربع كلمات في كل بيت لذلك كانت اناشيد سليمان العيسى سلسة تناقلها الأطفال وحفظوها أكثر مما كانوا يحفظون مقرراتهم الدراسية وتناقلوها بحب وفرح وصارت جزءاً من ثقافتهم وحياتهم وأحاديثهم اليومية.

تنقل في عدة مدن وكانت حلب إحدى المدن الأثيرة الى قلبه قضى فيها عشرين عاماً من عمره وحملت إليه الحب والشعر ودفء الأسرة وهو الذي يقول عنها أنها أملت عليه نصف شعره ومنحته أسرته الصغيرة ورفيقة العمر وشريكة الكفاح (قصة حب شاعرية عاشها في هذه المدينة التي كانت شاهداً على مشاوير العشق والهوى في ضوء القمر مشاوير جمعته بالحبيبة التي ملأت حياة شاعر- كما يحلو له أن يردد .. وكانت القصيدة التي ما أزال عاجزاً عن كتابتها) ولكنه دائماً كان يحب أن يدعوها برفيقة الدرب لأنها قاسمته الحياة والأدب والحلم ولا يجد غضاضة في أن يشير صراحة الى أنه يدين لها بنص.

سورية


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة