Culture Magazine Monday  12/11/2007 G Issue 222
فضاءات
الأثنين 2 ,ذو القعدة 1428   العدد  222
 

حكايات
هواجس عن العيد !
محمد بن أحمد الشدي

 

 

يختلف معنى العيد في أذهان الصغار عن معناه في أذهان الكبار، فهو عند الصغار فرح ولهو وحلوى ورحلات وأوقات ممتعة بريئة وهدايا وملابس جديدة وذكريات جميلة لا تمحوها الأيام.

أمّا العيد في أذهان الكبار فهو أعمق من مجرّد الفرح الطفولي العابر، فالكبار ينظرون إلى العيد على أنّه محطة استراحة ومكافأة مجزية للعبادة وعمل الخير والصيام والقيام والاتجاه إلى الخالق العظيم بالحمد والشكر على نعمة الإسلام.

في عيد الفطر، على سبيل المثال، تتولّد لدى المسلم العاقل البالغ رؤية خاصة عن الحياة والناس، فالحياة أجمل عندما تكون مليئة بالجهد والعمل ونبذ الكسل والترفُّع عن الجشع والطمع والأحقاد والطعن من الخلف!

وفي العيد يستمر صفاء النفس الذي تعوّدته في شهر رمضان الكريم، حيث البر والبذل والعطاء والتسامح والترفُّع عن الصغائر والنظر إلى الفقراء والمحتاجين، ومد يد العون لهم، ومحاولة إدخال السعادة إلى قلوبهم ونفوسهم بما يتوافر لدى الإنسان من وسائل جميلة ونوايا صادقة.

وفي العيد يتزاور الناس ويصلون أرحامهم وتعلو وجوههم البسمة ويتواصلون بعد قطيعة ويقتربون من بعضهم من خلال التحية والهدايا والذكريات الجميلة.

وفي العيد فرصة للتوقف عن اللهاث وراء العمل المضني ومراجعة النفس وتعديل السلوك الخاطئ ورسم مسار جديد للحياة والتعامل مع الناس والأشياء.

إنّ العيد أيضاً مناسبة للتفكير فيما مر به الإنسان من إفراط وتفريط والعدول عن ذلك، والتطلُّع إلى آمال وآفاق جديدة لإسعاد النفس والناس، والإخلاص والولاء للوطن وللقيادة الرشيدة التي هاجسها النهوض بهذا الوطن ومواطنيه.

ولا أريد بهذه العجالة أن أضع الحواجز أمام من يريدون الفرح والنزهة والسفر واللهو البريء، ولكني أود أن أشير إلى أنّ العيد ليس انطلاقاً مع الأهواء وشهوات النفس، ولا هو صرف وتبذير ومباهاة لا طائل من التمادي فيها والغرق في أوحالها، ولا هي (المبالغة في الاحتفال بالعيد) ولا هي الإهمال، الأمر وسط بين ذلك.

لقد عاش آباؤنا وأجدادنا أعيادهم وفرحوا بها وأدخلوا السرور إلى قلوبهم وقلوب الناس وحافظوا على سمتهم وأخلاقهم الحميدة وسلوكهم القويم، ولم يفكروا في الانحراف أو الانجراف نحو الملذّات، ولكنهم تعاملوا مع العيد على أنّه مساحة لسموِّ النفس وتطهيرها من الشوائب والأدران وتقوية الصلات الأخوية والإنسانية.

أعاد الله علينا العيد ونحن في هناء وعز وسؤدد، وعلى أُمّتنا العربية والإسلامية وهي ترفل بثياب النصر والعزّة والكرامة والتقدم - إن شاء الله ..

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة