Culture Magazine Monday  13/08/2007 G Issue 211
فضاءات
الأثنين 30 ,رجب 1428   العدد  211
 
رفيف
بدد لا يخصك وحدك (1-2)
د. فاطمة عبد الله الوهيبي

 

 

حينما نتحدث عن الحب فلا بد أن شيئاً انبثاقياً أو شيئاً يشبهه يحدث. فثمة انبثاق مفاجئ، يداهم كينونتك؛ لتدرك معنى الصيرورة فيها، فالحب يتسلل لا وفق خطة منظمة، بل كيفما اتفق مدفوعاً بهدير ذاته. وهو مباغت، ولكنه مع ذلك ببطء كسم كسول، ومتباهٍ كطاقة حياة لا شيء يردها عن دربها. وهو فوضوي التحرك والمظهر، ولكنه في العمق له لباقات وذوق ومنطق فذ فريد يعيد ترتيب الكون، ويزيل الضباب عن الرؤية والرؤيا، فيمنحك الإحساس بالقدرة على رؤية ما لم تكن تراه، على الرغم من أنه كان موجوداً على الدوام حولك وأمام ناظريك..

ومع ذلك فهو مراوغ بارع لا يطاق، يمكنه إذا استبدّ بك أن يعيدك إلى نقطة الصفر إلى حالة من الضباب الكثيف؛ حتى لا تعود ترى دربك أو نفسك وتختلط عليك الأزمنة والأمكنة وتدخل في دوار التيه.

لذا سأسمح لنفسي أن أكتب عنه كيفما اتفق، فسيفساء من الهذيان والصحو يليق بعظمته وجبروته، يليق بأسراره وانكشافاته وتجلياته، يليق بما يقوله لنا ونقوله له، وننسج من نصنا معه شبكة أوهام نتعلق بها لنحيا، ثم نشكو أننا بسببها نفقد الحياة!! ويتحول بذلك بها الكائن إلى كذّاب جاحد ناكر فاقد للذاكرة، لا يمتلك من ذاكرته مع السر إلا نعيماً يلوح في السرد كآخر لمعة من ضوء يبرق في حلم مغادر!!

إذاً نحن نتعلم في الحب كيف نتمزق بين الانكماش في التكتم فيما نسميه سر الحب وبين التبدد القسري في الانسياب والتلذذ في الإطناب في السرد، بين السر والسرد ثمة طيّات وطيّات من وجود الكائن يتعلم -في الحب- أن يفكّ أبجديتها مثلما يتهجى طفل حروفه العسرة، التي بعد أن يتعلمها سيوالي طوال عمره تكرارها بلا ملل، ففي الحب يقرأ المرء فرحه ومأساته الفريدة، في الحب يقرأ المرء فرادة قدره، ويفكّ حروف الجمل واحدة واحدة تلو الأخرى؛ ليتعلم بعد ذلك مرارة ما قيل له: (المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين) ليعرف لاحقاً أن هذا المكتوب الذي هو وشم على لوحه المحفوظ، هذا المكتوب الذي لا بد أن يقرأه ليس على الجبين وإنما على خط غير مرئي أو منظور خط منثور على صفحة أيامه، يقطعه لحظة بلحظة، وكلما قطع لحظة فيه ووطئ سطر لحظتها وأشرف تحققها صارت ماضياً يقص أثره في الروح والخبرة الشعورية، ومن هنا من قصّ الأثر يتبع العاشق تيهه الخاص ويبحث عن معناه!!! العاشق عابر سبيل، متجول حول ضفاف نفسه ومقذوف في تيه الآخر!!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7845» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض Rafef_fa@maktoob.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة