Al Jazirah NewsPaper Monday  15/01/2007 G Issue 182
الملف
الأثنين 26 ,ذو الحجة 1427   العدد  182
 

اعتذار متأخر للشيخ الذي أضحكنا على السياسيين!
طلال سلمان

 

 

أعترف - معتذراً - أنني قد تسرّعت فحكمت على (الشكل) بمعنى القيافة، فظلمت نفسي أكثر مما ظلمت عبد الله الصالح العثيمين.. وهكذا فقد تجنبت في أكثر من لقاء مصادفة أن أتعرف إلى هذا الذي رأيته (عجوزاً) يخب داخل دشداشته التي تبدو رخيصة، وخصوصاً أنها لا تبرز ختم صانعها الأجنبي، والكوفية التي ليست من حرير، والعقال العادي، والعباءة المطوية تحت يمناه، وليست حواشيها مطرزة بالذهب..

ومع أن نظرات هذا (الشيخ) كانت تشع سخرية، فقد كان يبدو دائماً وكأنه (يتفرّج) على المؤتمرين المحتشدين في مهرجانات الشعر والنثر أو الفكر المنثور دولارات، أكثر مما يشارك في (أعمالهم).

ثم كان أن وصلني ديوان لعبد الله الصالح العثيمين بعنوان (دمشق وقصائد أخرى) فتصفحته بداية بدافع الفضول، لكنني سرعان ما غرقت في قراءة قصائده اللطيفة حتى أنهيته في جلسة واحدة. يشدني الإعجاب بلغته المتينة، ثم تأخذني سخريته الهادئة إلى نوبات من الضحك.

(يشرح) عبد الله العثيمين، على سبيل المثال، (العولمة) بنوع من الرجز:

(أن تحكم الدنيا عصابات ابتزاز مجرمة/ تفعل ما يحلو لها/ باطشة مهدمة/ لأنها في العالمين/ الخصم والمحكمة).

أما (صدى بيان القمة) فيباشره الشيخ عبد الله بديباجة جاء فيها:

(باسمك اللهم/ يا من: دبر الكون وسوى/ كل ما شاء وقدّر واصطفانا/ قادة في ظلنا/ تغفو وتصحو/ خير أمة/ كلما حلّت بها أطياف غمة/ وجدتنا موئل الشكوى لتحقيق الأرب/ أوَلسنا نحن سادات العرب؟؟) هذه الجلسة من أعمالنا مسك الختام/ غير أنا قد فطنا أن للقول حدوداً:/ فتركنا اللوم واخترنا كما اعتدنا المرونة/ فعتاب الدولة العظمى رعونة: ربما أدى إلى قطع المعونة/ أوَلسنا نحن سادات العرب).

لكم تمتلئ نفس هذا العربي الذي من (أصالة نجد) بالمرارة.. أما قلبه فأخضر ينبض بحب هذه الأرض وناسها، ولها - في لحظة - اسم دمشق، وفي لحظة أخرى اسم (الجزائر.. أنشودة المجد) وفي لحظة ثالثة اسم عواصم بلاده من جزيرتها إلى المغرب الأقصى.

ويبدو أن منظره، الذي يبدو وكأنه يتقصده، يوحي لمن يراه بأنه فعلاً (شيخ) وعلى هذا فغالباً ما تسميه الوفود (شيخها) وذات مرة رد على هذه (الفرية) شعراً فقال:

(قالوا بأني شاعر/ آتٍ يزف جوى الصحاري

شيطانه أنثى إذا نزلت بفتنتها تمارى/

ظلموا شويخ الوفد/ ما نزلت ولا مرت بداري

بعدي عن الأشعار بعد المال عن خَلَد الغفاري)

من زمان نفتقد إلى مثل هذا النفس الساخر في شعر (أصلي) لا يكتب بالزلفى أو بالطلب أو سعياً وراء الدينار القهار.

* بيروت - صحيفة السفير


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد
مواقع الجزيرة

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة