Culture Magazine Monday  18/06/2007 G Issue 203
أقواس
الأثنين 3 ,جمادى الثانية 1428   العدد  203
 

بعد صدور مجموعتها (كما القلق.. يتكئ الجمر)
هيام المفلح: أتمنى أن ينتشر فيروس القصة القصيرة جداً

 

 
*الثقافية - محمد عبدالله الهويمل:

صدر عن الدار العربية للعلوم مجموعة قصصية قصيرة جداً للأستاذة هيام المفلح انطوت على ما ينيف على خمسين قصة انجذبت إلى عنوانين رئيسين هما (كما القلق)، (اتكاء الجمر).

(الجزيرة) التقت هيام المفلح وحاورتها في طبيعة القصة القصيرة جداً والمراوغة الفنية والتأمل الكاريكاتوري كما عرضت إلى الأسلوب الذكوري والأنثوي واستشراف المستقبل..

* في الوقت الذي يهاجر فيه القاصون إلى رحاب الرواية تهاجر (هيام المفلح) إلى القص القصير جدا.. كيف نفسر هذا؟..

- بإمكانك تفسيره بأن (هيام المفلح) لا تمشي وفقاً (للموضة) السائدة، أنا وجدت في نفسي هوى وميلا نحو الفن الأكثر تحدياً وألقاً، إنه الأكثر صعوبة ولذة.. في التكثيف تتجلى المقدرة اللغوية والفكرية والفنية للمبدع، لهذا هاجرت إلى فنٍ، ربما سبقني إليه كثيرون، ولكن المجيدين فيه قليلون.

* القصة القصيرة جدا نقلة باهظة في تقنيات السرد.. ما طبيعة الثورة التي يستبطنها هذا الخطاب؟

- يكفي أن نعرف أن فن القص القصير جدا هو (فن الحذف لا فن الإضافة) - كما عرفه أحد النقاد المغاربة - ومعنى هذا هو أن كل أنواع السرد المتعارف عليها تندرج تحت تعريف (فن الإضافة)، ما عدا القص القصير جدا.

فأنت تضيف الكلام وتستطرد حتى تحصل على نص سردي متكامل، كل الكلمات تصبح تحت أمرك ترصفها كما تشاء - وببذخ غالبا - وأحيانا لا أحد ينكر عليك ذلك طالما تستخدمها ضمن منظومة تخدم الفكرة وملحقاتها، لكنك في القص القصير جدا لا تستطيع ذلك أبدا، بل عليك أن تحذف من الكلمات أكثرها.. عليك أن تستبدل الجملة بالكلمة حتى يتماسك البناء.

فن القص القصير جدا يربي لديك ملكة التكثيف والإيجاز.. هنا يكمن التحدي.. فالكلمة التي إن مسحتها من هذا النص ولم يتداع النص لأجلها، احذفها فورا، لأنها كلمة زائدة لا لزوم لها!.

في هذا القص عليك أن تعطي أكبر المعاني وأوسعها بأقل قدر ممكن من الكلمات.. هنا يصبح للكلمة ميزان دقيق أشبه بميزان بائع الذهب والمجوهرات.. هل هناك أعمق وأجمل من هذا التحدي؟

* هل بوسعنا وصف ق ق ج - لا سيما مجموعتك - بأنها مراوغة فنية لتفادي صناعة الحدث؟

- غريب هذا التعبير (تفادي صناعة الحدث!!).. ومن قال إنه في القصة القصيرة جدا لا يوجد حدث؟

هي قصة مكتملة العناصر يطغى عليها التكثيف ومن خلال هذا التكثيف يتم ترميز بعض العناصر ليكتشفها القارئ بنفسه.. هو نص لا يعطي مفاتيحه للقارئ بسهولة. لا بد أن يشارك المتلقي بكتابة هذا النص وفك رموزه حتى تظهر له جمالياته متكاملة.

* في قصة (جزمة) انسحبت من كثافة التأمل إلى الكاريكاتورية التلقائية والمباشرة.. ترى متى تستكمل القصة شروطها الصعبة؟

- لا يوجد مباشرة في هذا النص هو انطلق من مثل شعبي - مصري - متداول، لكن أعطيت له دلالات أعمق.. أحيلك لقراءتها مرات أخرى وستعثر على مفاتيحها القصصية بالتأكيد.

* هل الرسوم التي تتخلل النصوص وسيط لتسويق المعنى؟

- أبداً.. هي ظلال للنصوص، أو خلفية لها، هي وجهة نظر الفنان التشكيلي السعودي (ناصر الضبيحي) الذي رسمها بعد أن قرأ النصوص فكانت هدية مجانية منه أشكره كثيرا عليها.. هي قراءة تشكيلية للنصوص من وجهة نظر من رسمها.

* مع ضمور القصة وكثافة الأصوات داخلها.. هل بقي شيء اسمه أسلوب ذكوري وأسلوب أنثوي؟

- ليس لدينا ما يحمد في هذا التصنيف حتى نحافظ عليه!.. لا يهمني كقارئة وككاتبة أن يكون أسلوب النص ذكورياً أو أنثوياً.. ما يهم هو الحصول على نص فاتن مبدع يجعل المتلقي يصفق بدهشة لمعناه ولبلاغته بغض النظر عن جنسية كاتبه.. بعض النصوص القصيرة جدا أشبه ما تكون بالموال الذي ما إن تسمعه حتى تجتاح رأسك عاصفة من الأحاسيس المثقلة بالنشوة فلا تملك حيالها إلا أن تطلق لأجلها آهة افتتان طويلة!.

* مَن مِن ممارسي هذا الفن القصصي لفتت نصوصه اهتمامك؟

- أسماء كثيرة قرأت لها في الداخل والخارج، وجدت في بعضها روعة استفزتني لتجاوزها في تجربتي، يبدو من الصعب تحديد أسماء بعينها لكننا لا نستطيع أن نصمت أمام أسماء المبدعين (جبير المليحان - شريفة الشملان) وبعض نصوص عبده خال وعبدالله التعزي وفهد المصبح وغيرهم. ولا ننسى التجربة المميزة للقاص والروائي ناصر الجاسم الباحث الذي عشق القصة القصيرة جداً لدرجة أنه جعلها مضمون رسالته العلمية لنيل درجة الدكتوراه وهي أول رسالة من نوعها في هذا المجال في السعودية.. وفي الخارج أسرتني تجارب السوريين والأخوة المغاربة فقد قطعوا شوطا مميزا في هذا الفن.

* تأتين في طليعة الجيل الثوري الذي دشّن لهذا النمط.. كيف تستشرفين مستقبل هذا الفن السردي الجديد؟

- من أصابه حب هذا الفن المميز يعرف أنه فن جدير بالمحاولة، وجدير بالتجريب.. أتمنى - كعاشقة له - أن ينتشر فيروس عشقه ليصيب الكثير من مبدعينا - كما أصابني - ليتحفونا بروائعهم.

طبعا لا أعتقد أن سردنا الأدبي سيكتفي بهذا النوع من القص فقط - ولا يجب أن يكون هذا - وإنما هو مجال جديد لدينا من المبهج تواجده وممارسته، لذا آمل أن نحظى في المستقبل بالمزيد من التجارب، فالتحدي الذي يشكله هذا النوع في نفوس ممارسيه لا حدود له، ويستحق أن يبذلوا لأجله المزيد من التعب والتعلم لاكتشاف تقنيات أخرى وزوايا إبداعية غير مسبوقة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة