Culture Magazine Monday  18/06/2007 G Issue 203
الملف
الأثنين 3 ,جمادى الثانية 1428   العدد  203
 

ادعوا معي لأبي زهران بالشفاء والعافية
محمد عبدالرزاق القشعمي

 

 

هاتفني مشكوراً الأستاذ سعيد الدحية الزهراني أحد أركان (المجلة الثقافية) التي تطالعنا صباح كل يوم اثنين مع جريدة الجزيرة منذ ما يقرب من خمس سنوات.

أقول اتصل بعد ظهر يوم السبت 19-3- 1428هـ ونقل لي رغبتهم في الكتابة عن أحد أعلام منطقة الجنوب من وطننا الغالي، كعادة المجلة منذ رأت النور وهي تفاجئنا بين وقت وآخر بالاحتفال والاحتفاء بأحد الرموز الثقافية.. وقد كان حديث الأخ سعيد عن الأستاذ والمؤرخ والراصد علي بن صالح السلوك الزهراني شفاه الله وعافاه؛ إذ يرقد بالمستشفى منذ ما يقرب من خمس سنوات. وقد حاولت أن أزوره مع بعض محبيه وطلابه ولكن الأخبار لا تشجع، فهو كما عرفنا فاقد للوعي فنكتفي بالدعاء له بالشفاء والعافية.

لقد سعدت بهذا الاتصال وفرحت بإتاحة الفرصة لمثل هذا الرجل العلم، فلعل الله يستجيب لدعاء محبيه ليعود لنا كما عهدناه عاملاً ومجتهداً في المجال الثقافي ومقدماً خدماته وخبراته للباحثين دون كلل أو ملل لا يبغي بذلك جزاءً ولا شكوراً.. وما ذلك على الله بعزيز.

قلت في نفسي والأخ سعيد يحادثني إنكم تأخرتم كثيراً فالرجل يستحق مثل هذه اللفتة منذ زمن.. وتذكرت ما كان يلقاه الباحثون في المنطقة وغيرها من معلومات من هذا الرجل وغيره.. ولكننا سنعتمد على ما كتبه علامة الجزيرة العربية الأستاذ حمد الجاسر عندما بدأ يفكر ويحضر لمشروعه الضخم (المعجم الجغرافي.. نصوص وأبحاث جغرافية وتاريخية عن جزيرة العرب) وكان نصيب منطقة غامد وزهران.. أن شد الرحال إليها بصحبة أخيه وصديقه الأستاذ محمد سعيد كمال - رحمهم الله - بدءاً من 18-2- 1390هـ، 24-4-1970م.

لقد بدأ البحث والتقصي من مدينة الباحة وما حولها، ويذكر باعتزاز ما قدمه لهم بعض أبناء المنطقة بدءاً من أميرها سعود السديري ورئيس المحكمة الشيخ حسن العتمي والشيخ عبدالعزيز عبدالهادي الغامدي رئيس بلدية بلدة الباحة. وقال: (... ونذكر بالخير أحد أبنائنا المثقفين من الشباب الواعي علي بن صالح الزهراني أحد موظفي الإمارة الذي لم يكتف بالإلحاح الشديد في دعوتنا إلى بلدته لإكرامنا، بل زاد على ذلك بأن أمدنا بالواسع الجم من المعلومات القيمة التي جمعها عن هذه السراة، مما سيُفرد به قسم عنها في الجزء المتعلق بجغرافيتها من المعجم الجغرافي الحديث للبلاد العربية السعودية...).

وعندما استرسل الشيخ حمد الجاسر في الكتابة عن القبائل والعشائر والبطون أشار إلى أهمية الاستعانة والاستفادة من معلومات أبناء المنطقة فقال: (.. وإنني لأرجو أن أقرأ قريباً في كتابات مثقفي الغامديين والزهرانيين - أمثال الأستاذ معجب بن سعيد، والأستاذ محمد بن مسفر الزهراني، والأستاذ علي بن صالح الزهراني، وإخوانهم عن هذه البلاد ما يفي ويكفي ويشفي، ويصحح الأخطاء في كتابتي هذه وفي غيرها من كتابات غيري...).

وقال في موقع آخر: (عندما دعا الطفيل دوساً إلى الإسلام لم يجبه إلا أبو هريرة وكان هو وأهله في جبل يقال له ذورمعا.. وقال عند إشارته في الحاشية إنها تدعى في إحدى النسخ ذومنعا).. وقال الأستاذ علي بن صالح الزهراني في كتاب بعثه إلي - وسأورده بنصه - (عقبة ذي منعا تقع غربي آل جحاف تؤدي إلى الحجرة بتهامة عن طريق وادي الجراء).

وذكر الشيخ حمد الجاسر في نهاية الكتاب.. وفي (الاستدراكات).

2- الأستاذ علي بن صالح الزهراني، وهو من خيرة شباب هذه البلاد، ومن أوسعهم اطلاعاً على مختلف أحوالها وأعمقهم معرفة، وله مؤلف شامل عنها أطلعني على قسم كبير من مواده، ورأيت لديه بعض الوثائق التاريخية عن حوادث جرت في هذه البلاد في القرن الماضي، وقد كرم بتصحيح أخطاء كثيرة اتفق هو والأستاذ محمد مسفر على أكثرها، وانفرد أحدهما بأشياء، وقد أدمجت كل التصحيحات، كما كرم الأستاذ علي بالإفادة عن بعض مواضيع قديمة وحديثة ذات قيمة...).

لقد عدت إلى (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) تأليف الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني في طبعته الثالثة 1417هـ/1996م فوجدته يشير في مقدمته إلى الأستاذ العلامة حمد الجاسر وما نشره في الجزء السادس من السنة الثانية من مجلة العرب لعام 1387هـ ودعوته أبناء مناطق المملكة بعمل معجم جغرافي عن مناطقهم ليكون النواة لجمع معجم جغرافي عام عن المملكة العربية السعودية.... وقال إنه عند زيارته الأخيرة لبلاد غامد وزهران في 18 صفر 1390هـ عرض عليه ما جمعه من معلومات.. فطلب منه تقديمها للطبع على أن يحصر اهتمامه على الناحية الجغرافية، وضبط الأسماء بدقة ووضوح.. وقال: (.. وها أنا ذا أقدم هذا الكتاب المشتمل على المعجم الجغرافي لتلك البلاد، مساهمة مني في إعداد المعجم المطلوب للبلاد العربية السعودية..).

فقد رحب واستبشر الكثير بمثل هذا العمل، نذكر منهم الأستاذ محمد حسن عواد - رحمه الله - الذي قال: (كنت أفكر وأتمنى عندما أسمع وأقرأ هذه العطاءات الفكرية عن بلادنا أن أشترك في بنائها وما تزال هذه الأمنية وهذا التفكير قائمين، ولكن جزءًا كبيراً منهما يتحقق عندما أرى بعض الأخوة المواطنين كالأستاذ السلوك يحقق جانباً من هذا العمل).

وقال الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي - رحمه الله -: (قد بذل الأستاذ الزهراني جهداً ضخماً في هذا الكتاب، فاستقصى وحقق، واستشهد بالشعر القديم والجديد والفصيح والعامي.. وإنني لأهنئ هذا المؤلف الفاضل على ما وفق إليه من إحاطة وشمول).

وممن شكره على هذا الجهد الكثير أذكر منهم على سبيل المثال: الأستاذ حمد الجاسر، ضياء الدين رجب، أحمد عبدالغفور عطار، محمد عبدالمنعم خفاجي، عثمان الصالح، علي حافظ، علوي طه الصافي.. وغيرهم.

والأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني المولود في (قرن ظبي) بزهران عام 1359هـ، عمل طوال خدمته المدنية في إمارة الباحة مديراً للحقوق العامة فمديراً لإدارة التفتيش فمديراً لإدارة إمارة المنطقة ومديراً عاماً لإدارة المالية والإدارية. له مساهمات فعالة في منطقة الباحة من الناحية الثقافية والأدبية، ويشارك بكتاباته الجادة في مختلف الموضوعات الأدبية والاجتماعية في الصحافة المحلية، وهو عضو في الكثير من اللجان المحلية ومن مؤسسي نادي الباحة الثقافي، وعمل نائباً لرئيسه منذ تأسيسه حتى مرضه - شفاه الله وعافاه -.

لقد ذكر الأستاذ علي جواد الطاهر في (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية).. أنه ألّف من المعجم الجغرافي للبلاد السعودية الذي تصدره دار اليمامة لعدة مؤلفين في سلسلة النصوص والأبحاث، جغرافيته وتاريخيته عن بلاد العرب الجزء الخاص ب(بلاد غامد وزهران)، وذكر أن مؤلفاته المخطوطة: الأمثال الشعبية في بلاد غامد وزهران، والأدب الشعبي في بلاد غامد وزهران، وله بحوث قيمة ومقالات في المجلات والصحف السعودية... وآخر مؤلَّف أصدره قبل مرضه هو (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) من أربعة أجزاء:

1- الكتاب الأول: قصائد الجبل واللبيني.

2- الكتاب الثاني: قصائد العرضة في مناسباتها المختلفة.

3- الكتاب الثالث: قصائد اللعب والمسحباني والهزموج والعزاوي والسامر.

4- الكتاب الرابع: الأناشيد الشعبية (القاف).

والأستاذ علي صالح السلوك (أبو زهران) يتمتع بسمعة طيبة ويتحلى بأخلاق فاضلة، فقد عرفته عن قرب ورافقته في الرياض والباحة في بعض المناسبات الثقافية، وكان شديد التواضع ودوداً، حليماً، يقدر المبدعين ويشجعهم ويأخذ بأيديهم، فأذكر أن بعض الشباب من أصدقاء المرحوم المبدع عبدالعزيز مشري قد استجابوا لدعوة مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة لتكريمه عام 1418هـ وحضر وشارك بعض الأدباء أذكر منهم الأساتذة محمد صالح الشنطي ومعجب الزهراني ومعجب العدواني وقينان الغامدي ومسفر الغامدي وعلي الدميني وصالح الصالح وغيرهم.

وقد أقام المدعوون في الفندق، وكان من المرافقين الدائمين الأستاذ علي بن صالح السلوك، وكان وقتها نائباً لرئيس نادي الباحة الأدبي- رغم اعتراض النادي ورفضه لفكرة التكريم - ومع ذلك بقي أبو زهران مع الضيوف ليلاً ونهاراً مؤانساً ومرافقاً لهم بالفندق ومقر الجمعية وقت الحفل وأماكن التكريم سواء في الإمارة والأماكن التي يزورونها ولمدة يومين كاملين بليلتيهما.

أقول إن مثل هذه اللفتة التقديرية من جريدة الجزيرة وملحقها (المجلة الثقافية) لتستحق التقدير والإعزاز.. فلمثل هذا فليعمل العاملون.

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة