Culture Magazine Monday  18/06/2007 G Issue 203
الملف
الأثنين 3 ,جمادى الثانية 1428   العدد  203
 

القامة والقيمة
د.محمد بن سعيد العلم

 

 

يقف القلم حائراً عندما أحاول الكتابة عن رجل بقامة الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني - شفاه الله - فهل أكتب عن الأستاذ علي المؤرخ الأمين، أم

الإداري المخلص، أم الجغرافي المطلع، أم الكاتب والأديب الفذ، أم المؤسس للجمعيات الخيري أم المهتم بقضايا الشباب؟!

وليعذرني القارئ وبالذات أولئك الذين عرفوا أبا زهران وتعاملوا معه عن قرب، إن لم أعطه حقه في تلك الجوانب المتعددة التي لو كتب عنها لطال بي المقام.

برز الأستاذ علي السلوك وعرفه الناس من خلال تعاملهم معه إبان عمله في عدد من المناصب بإمارة منطقة الباحة.

وفي الحقيقة، إن أبا زهران رغم الحساسية المحيطة بعمله بين أبناء منطقته استطاع أن يصل إلى قلوب الناس ويكسب ودهم. فكان - شفاه الله - يد العون - بعد الله - لمن يعرف ومن لا يعرف وربما كان لوقوفه بجانب المحتاجين والمحرومين سبباً في معرفة الناس وحبهم له.

وأتذكر عندما كنت أدرس في السادسة عشرة من العمر أن والدي - شفاه الله - كلفني باصطحاب أحد أصدقائه المقربين إلى منزل أبي زهران، وما زلت أتذكر عبارات ذلك الرجل الذي كان بصحبتي وثناءه الجم على (السلوك) حسبما سمعه عن أصدقائه، ما جعلني أتوق إلى لقائه والتعرف عليه.

وعند وصولنا إلى فناء منزله، إذا بذلك الرجل الذي تعلو الابتسامة محياه يستقبلنا ويرحب بنا وكأنه يعرفنا منذ عشرات السنين، رغم أنني والرجل الذي معي لم نره قبل ذلك الحين.

خرجت من منزل أبي زهران - وأنا أحمل الكثير من الحب والتقدير لذلك الرجل الذي أحسست أنني تعلمت منه الكثير خلال تلك الزيارة وما تركته من آثارها في نفسي، وعلمت لماذا حب الناس هذا الرجل ولماذا سطع نجمه في إمارة الباحة. أما صاحبي فقد كان في غاية السرور والسعادة، وظل يدعو لأبي زهران لوقوفه بجانبه أثناء محنته.

وأذكر أنه قال لي إن من الناس من يرزقه الله منصباً إدارياً ويسعى في تيسير أمور الناس وخدمتهم وحل مشاكلهم - كما فعل أبوزهران معي - سيعلي الله شأنه ويوسع في رزقه.

لقد أسهم أبوزهران في نشر ثقافة الحب والإخاء والتعاون وعمل الخير والحث علي فعله في مجتمعه، ولم يكن يعمل ذلك بغية الثناء ولكن من واقع نزعة داخلية مؤصلة في نفسه - شفاه الله - تحب الخير للقريب والبعيد وإن كان هنالك من تمييز بين اثنين فهو لصالح المحتاج، والفقير، والمكلوم، ومن جار عليه الزمن. هكذا عرف الناس أبا زهران. فما أن يعرف شخصُ أن فلاناً ألمت به ملمة حتى ويدله على أبي زهران، كما فعل والدي مع صديقه. ومما يميز أبا زهران أنه كان يسعد بذلك وهذا أحسبه دليلا ثابتا على حبه للخير - شفاه الله - والمتأمل في بعض أعماله الخيرية يجد أن الرجل يملك بين أضلعه قلبا رحوما ومحبا للخير. فقد أسس عددا من الجمعيات الخيرية التي أسهم فيها بماله وجهده وجاهه.

ومن ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - الجمعيات التعاونية والخيرية بقرن ظبي (إحدى قرى قبيلة زهران) في عام 1398هـ.

ولعل القارئ يعلم أن ظروف الناس المادية آنذاك وسبل العيش لم تكن ميسرة كما هي الآن.

وكان من أعماله الخيرة - شفاه الله - إسهامه في تحديد المهور والعمل مع أمثاله من وجهاء القبيلة على ما اصطلح عليه ب(الزواج الجماعي) بغية البعد عن الإسراف والتبذير وتيسير أمور الشباب والشابات.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ على السلوك، ذلك الرجل الذي خدم دينه ووطنه وأبناء منطقته بكل تفان وإخلاص. وأدعو الله - عز وجل - أن يشفيه وأن يجعل ما قدمه من أعمال خيرة في ميزان أعماله.

ولعلي أختم بهمسة في أذن أبي زهران - شفاه الله - أعتذر إن لم يشمل مقالي كل جوانب حياتك وخصالك الحميدة، فأنت تعلم أنك مكتبة احتوت على عدد من المعارف التي يصعب ورودها في مقال من بضعة أسطر. أهنئك من كل قلبي على حب الناس لك وأهنئك على صبرك واحتسابك لما ابتلاك الله به.

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة