Culture Magazine Monday  18/06/2007 G Issue 203
فضاءات
الأثنين 3 ,جمادى الثانية 1428   العدد  203
 

ركلات ترجيح شعرية «2-2»
عبدالله بن أحمد الشباط

 

 

ولبعض الممارسات المستهجنة التي يخالف أصحابها النظام والأخلاق والذوق العام مثل (المفحط):

يخمس في الكورنيش ظهرا وينتهي

به العصر للتفحيط في الطرقات

ويهدر حتى الفجر ليلاً مخصصاً

مع الربع (للبالوت) في السهرات

ويغرق في النوم العميق إلى الضحى

ليستأنف التفحيط بعد سبات

وأسوأ من هذا ذلك الذي (يطنش) أي يتجاهل إشارة المرور دون مراعاة للذوق ولا القانون ولا اعتبار لديه لأرواح الناس:

يأتي الإشارة مختالاً فيقطعها (يطنش) الذوق والقانون والناسا

إن الفلوس التي زادته فخفخة شحت عليه فلم تمنحه إحساسا

ومن النماذج السابقة نرى الشاعر قد استطاع أن يرسم بالكلمة الخفيفة والنكتة الطريفة صوراً ما أظن أن الرسام بريشته والنحات بازميله يستطيعان أن يبرزا لنا تلك الرسوم الفكهة التي تتسقط بعض العيوب الاجتماعية فتبرزها كأفعال وحركات وأقوال غير المقبولة.. لكن القارئ لو سار مع الشاعر في تلك الطرق والممرات عبر معه تلك الميادين والتقى به عند إشارة المرور فسوف يكل قبل أن يتوقف الشاعر ويكف عن مواصلة رسم تلك الصور مع أن الشاعر لم يأت بجديد أو غريب بل نجده بقوة ملاحظته وخفة كلمته يقدم لنا تلك الممارسات غير المقبولة اجتماعيا بل وفي بعض الأحيان تكون مقززة تثير الاشمئزاز والسخرية لكنا في النهاية تستطيع أن نستريح مع الشاعر وهو يأخذنا معه إلى مقر عمله حيث يعمل في البريد الذي هو صلة الوصل بين المدن والمناطق والدول، إذ بواسطته يستطيع من في الداخل أن يتواصل مع من في الخارج وبالعكس، والإنسان البعيد عن ممارسة هذا الفعل لا يحس بالمعاناة والمتاعب التي يقاسيها العاملون في هذا المرفق الحيوي المهم فتعالوا ندخل مع شاعرنا حسن السبع من بوابة البريد، ونحن نحمل معنا تصريحاً للدخول عنوانه (بريديات) يتحدث في المدخل عن متاعب المهنة:

تمضي السنون ووحدي متابع أبدا مكائن الفرز والأكياس جلاسي

تحيط بي فكأني بين أجمعها مطوقاً (جملة) ما بين أقواس

تخشى هروبي إذا فكت محابسها أنا الرهينة قد حيطت بحراس

ثم نراه يتحدث عن بعض الرسائل القادمة من الخارج التي يكون في مظهرها ما يوحي عن مصدرها:

جاءت من الهند تسعى نحو فارزها من راح يضرب أخماساً بأسداس

رزق المظاريف قد قدت جوانبها قرطاسها خامة من غير قرطاس

به من الفلفل المسحوق رائحة تهدي السلام لسعال وعطاس

وما أن ينهي معاناته مع الفلفل الذي انبعث عبيره من تلك الرسالة القادمة من وراء البحار حتى يفاجأ بكيس يرفع درجة الحرارة لديه:

فإذا بكيس لا يقل تورماً عنه فيسقط في يدي لمذهل

وأقول يارب الفكاك وكيف لي والناس ما انفكت تخط وترسل

ويحاول المراقب المسؤول أن يخفف من معاناة لشاعر حينما أخبره بأنه سوف ينقل إلى شباك قبول الرسائل لأن ذلك الشباك كان مبتلى بموظف ثرثار يرى نفسه أفضل من الآخرين.

فهو المجد ومن سواه مقصر وهو النشيط ومن عداه التنبل

فلما نقل إلى شباك قبول الرسائل ماذا وجد هناك؟ انه يصف ذلك المنظر المتكرر اليومي لزبائن البريد يفدون زرافات ووحدانا متوجهين إلى حفلة من الحفلات يتساءل:

من هؤلاء على الضعيف تزاحموا أزبائن أم أن ذلك جحفل

يتكأكأون كما على (ذي جنة) وقد اعتراه من الزحام تململ

ما افرنقعوا إلا ليأتي غيرهم أو ودعوا إلا لكي يستقبلوا

وأمام هذه الحالة الموجعة فكر صاحبنا في الانتقال إلى قسم توزيع الرسائل لكنه لم يتسرع بالطلب بل أخذ يزور ذلك القسم ويدرس الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية حتى خرج بهذه النتيجة:

لكنما التوزيع ركض لاهث عجل وتندم عندما لا تعجل

يلقاك بالترحاب حينا منزل سمح ويوصد دون وجهك منزل

فهو الرياضة إن أردت رشاقة أو تاه كرشك واعتلاه ترهل

ستصير كالعشاق عودانا حلاً أما أذاب الشحم منك تنقل

ولا يسعني في ختام هذه الدردشة الخفيفة إلا الدعاء لرجال البريد سواء في قسم الطرود أو قسم الفرز أو الاستقبال أو التوزيع بأن يهبهم الله الصبر على تلك المعاناة التي تلاحقهم من قسم إلى قسم وهم يحاولون أن يؤدوا رسالتهم على أكمل وجه وللمعلومية فإن الأديب الأستاذ حسن السبع كان يشغل منصب مساعد مدير عام بريد المنطقة الشرقية، ولذلك جاءت تلك الصور والمواقف في هذه المجموعة مستوحاة من بيئة العمل الذي كان يجري تحت سمعه وبصره.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7699» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الدمام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة