Culture Magazine Monday  12/05/2008 G Issue 247
فضاءات
الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1429   العدد  247
 

كلمات
(يا ذرة) كوني برة!!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

من داخل (فروته) الصوفية، وهو ممد في رواق خيمته رشق صفح الجبل القريب منه بنظرة عابرة فلمح سرباً من النمل تقوده واحدة نشطة، وهي تحاول أن تتسلق الصخر الأملس مرة بعد مرة عندها تذكر تلك الأهزوجة الشعبية: (يا ذرة كوني برة - وأكلي من الدخن والعيش) ثم تمطع ونهض من فراشه، وقال: هاجس قديم جعلني أفكر في ابن المقفع والجاحظ.

- وأقول لو أننا معشر الكاتبين رجعنا نكتب على طريقتهما الرمزية على لسان الطير والحيوان فماذا سوف يحصل لنا سنكون مثل النملة والفيل مع هؤلاء الهوامير من النقاد في مجتمعنا الذين لا يهزهم ريح!

- أو مثل وعل الشاعر الأعشى الذي أوهن قرنه في تلك الصخرة الصماء!! ثم قال لنفسه: ما عليك سوف أحفر في هذا الحجر الصوان طريقاً أعبره إلى ما أريد. سوف أحفره بكل صبر حتى أبلغ منه، وكما يفعل الحبل في الحجر مع طول السنين بل أمامي هذا المثل الحي النملة وفعلها. وهل النملة، أو (الذرة) أقدر مني.. ربما.. ربما يا ذرة؟!

دمعة على قصر جدي!

قال.. كان يوماً ماطراً، وقد بدأت الشمس تشرق من خلال السحب، وأنا أوجه وجهي إلى باب (الغواص) وعيناي دامعتان، فقد دفنت بيدي هاتين أمي قبل بضعة أيام إلى جانب سعد قريبي.

هكذا نعيش على ترابك أيها الوطن الحبيب ونموت فيك، لقد فهمت قيمة الوطن ولماذا كان يبكي ذلك العربي وينتحب وهو يحدثني عن الوطن.. الوطن هو كل شيء في هذه الحياة (من لا وطن له لا وجود له).

كنت أستعيد في ذاكرتي المتعبة ذلك الشريط الطويل من الذكريات عن زاهرة، والهواء الهفوف وقصر جدي البارز المبرز على خليجنا الغافي والصيد في وادي المياه ومسبح البديعة المعطر وحفيف جريد نخل (المنقع) في الليالي الشاتية وعتيقة و(أنوار) وهي تصطلي على (الموقد) المشتعل مثلي وسعد والقاهرة ومريفه في بر السويدي قال: لقد ذكرت ما ذكرت عن لهو الشباب العابث ليكون درساً لمن اطلع عليه حتى لا يضيع عمره هدراً، بل إن عليه أن يطلب العلا والمجد ومكارم الأخلاق وأن يصنع لنفسه عزها قبل فوات الأوان!

على جدار القلب!!

- قال: سئمت حالة الانتظار والتسكع في شوارع هذه المدينة الفارهة.. لم يبق في هذه المدينة الفاتنة حي. ولا سوق، ولا شارع، ولا ميدان، ولا مفترق طرق، ولا رصيف إلا ولي فيه وعنده وقفات طويلة ومواعيد بريئة ما زالت تتشبث بجدار الذاكرة وتتسلق أغصان القلب.

لقد عرفتني الشمس والأشجار والمقاهي والناس والأغنام العابرة! أنا وشم قديم على خد هذه الأرض قبل أن تثور الزوابع وتصهل الخيول العائدة من الغربة.. والليل والجبل والسهل وتأتي من أقبية النسيان!!

ولهذا لا يجوز أن يتجاهلني وجه عابس بنظراته الزائغة في مكتب المصلحة العامة- فقط لأنني حدقت في الأفق، وغنيت بصوت حاد مرتفع لأغراس هذا الوطن المتمدد في فؤادي بشرقه وروضه وجباله. كما غنيت لمعشوقتي الكلمة!

- كنت أستشرف الآفاق وأسأل الزمان: كيف أهلي على الشاطئ عبر مفاوز الصحراء الغامضة التي توارت عليهم.

- وما هذه البوم التي (تصفر) في وادينا من أين أتت من (مدن) الملح والبحر.. ربما!

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة