Culture Magazine Monday  12/05/2008 G Issue 247
فضاءات
الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1429   العدد  247
 

شذرات
الحب
د.أحمد البرقاوي

 

 

لا يتحقق بهاء الوجود وجماله وكماله ومعناه السامي إلا بالحب.

العمل بدافع الحب هو العمل الصادق الوحيد لا لشيء إلا لأنه استجابة لنداء ذاتي محض.

يصف بعض الناس الحب بالصادق أو بالكاذب أخطأوا ما من حب كاذب، لأن الحب صادق بالضرورة. ولا حاجة لأن تقول الحب صادق، لأنك إذ ذاك لا تضيف ما يحدد المفهوم. فكأنك تقول نور مضيء وهل هناك نور معتم.

الحب عاطفة تتجه نحو الخارج. ومن السذاجة أن نتحدث عن حب الذات لذاتها فهذا لا علاقة له بالحب. فأنت لا تستطيع أن تنشطر اثنين: واحد يحب واحداً، جزء يحب جزءاً. ولا يتعين حبك لذاتك لا يتعين إلا بحبك لما هو خارج عنك. إنك تحب آخر. حب الآخر الحب المنزه عن الغرض.

الحب المنزه عن الغرض لا يعني أن المحبوب لا يملك صفات أنت تحبها، بل ولا تدري أحياناً لماذا تحب. حب المرأة لرجلٍ حب إذا كان منزهاً عن أي منفعة مضمرة. وكذا حب الرجل لامرأة. جمال المرأة مصدر منبع حب روحها.. الجنس تحصيل حاصل.

كل تعبير عن الحب وراءه نزعة نفعية يعني أنك تمثل الحب. باستطاعتك أن تقول هناك حب زائف ألا وهو ما يظن أنه حب.

الحب تجربة ذاتية صرفة، إنه لحظة معيشة، لا تستطيع أن تتوقّع ما تكون عليه غداً. ولهذا فالحب حالة قد تزول وقد تستمر. قد تقوى وقد تضعف.

لا يلام أي إنسان بخبو عاطفة حبه أو باتقادها. حب الوطن دفع المناضل لأن يضحي بأجمل أيام عمره وراء القضبان. خرج من السجن كره الوطن.

الأم التي تقبل يديها حين تصبح جزءاً من مشاكلك اليومية بسبب كرهها لزوجتك يتضاءل حبك لها. وهكذا.. الحب متعة حقيقية، لكنها مجردة، نفسية، وأعلى درجات الحب حين يصير المحبوب عالماً لا يتجزأ عن وجودك الداخلي وعندها تفضله على ذاتك. حين تفضل المحبوب على ذاتك فهذا هو الحب المطلق.

الحب المطلق هو المتعة المطلقة. المتعة صادرة عن الحب، وليس الحب من أجل المتعة. وكما الحب صادق بالضرورة، كذلك الكره صادق بالضرورة وكما الحب لحظة لا نتوقّع مدى استمرارها، وذلك الكره.

الفرق أن الحب يمنحك المتعة والكره يمنحك الامتعاض والتعاسة.

ولهذا لا أحد يطمع للتخلص من الحب، لكن الإنسان يطمح للتخلص من الكره.

الحب عالم خالٍ من الخوف. فأين أنت أيها العالم الجميل.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7307» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- دمشق


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة