Culture Magazine Monday  12/05/2008 G Issue 247
نصوص
الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1429   العدد  247
 
مطالعات : عبدالحفيظ الشمري
محمد الشقحاء في سرد (المحطة الأخيرة):حضرت الحكاية وتدثر السرد في دفء الماضي

 

 

(المحطة الأخيرة) عمل قصصي جديد للأديب الكاتب محمد المنصور الشقحاء حوى جملة من المشاهد الحكائية والقصصية التي تعنى بواقعنا اليومي الذي يغوص - كعادته - في مثبطات كثيرة، ويعيش منغصات لا حد لها.. إلا أن القاص محمد الشقحاء أخذ على نفسه وعداً بأن يقدم شهادته الواقعية حول هذه القضايا وذلك من خلال جملة من الأحداث التي صاغها بقالب فني مناسب يراعي فيه حضور الحكاية في حياتنا منذ الأزل.

في العنوان الصغير للمجموعة (حكايات وقصص قصيرة) ذهاب واضح نحو منجز الحكاية بوصفها حالة أعم وأشمل إذا ما حاولنا صياغة مفهومي (الحكاية) و(القصة) كل على حدة.. حيث تتواجد الأولى في خطابها الشمولي للبوح الإنساني الذي يأتي دائماً على هيئة حكاية، فيما يظل حضور القصة فناً أشد تأطيراً لرحلة السرد لأي حدث إنساني.

وكتتويج لهذه المسيرة المتباينة بين (الحكاية) و(القصة) استهل الشقحاء العمل بحكاية أولى عنونها ب(السجن) ليسرد وبشكل مقتضب حكاية الرجل الذي قبع خلف أسوار السجن لمدة عشرة أعوام في أسباب مجهولة نوعاً ما؛ بل نراه وقد تبسط في عرض تبعات هذا الخروج على مدى عامين تقريباً فكانت إضاءة حكائية تحقق شرطية العنوان الذي ابتكره الكاتب على غلاف المجموعة.

في القصص التالية لقصة (السجن) ظل القاص محافظاً على مستوى واحد لسرد الأحداث لتأتي قصة (القنيرة) مشتملة على بعد إلماحي تتداخل فيه المواقف بين الحيوان والإنسان على ألسن كثيرة جميعها تدرك أن الأخير هو المعنى بكل منغصات الأرض.. فليس أدل من ذلك ما عرضته الحيوانات من استدراكات غاية في الدقة والوضوح.

القاص محمد المنصور الشقحاء لا يجشم قارئه - عادة - أي عناء في البحث والتمحيص في أمر أي حكاية أو قصة في مجموعته (المحطة الأخيرة) لنراه وقد عني في تقديم رؤية واضحة ومتكاملة عن شخوص قصصه، وأحداثها التي لا تقبل التأويل أو قراءة ما بين السطور، فكل فكرة في القصص لها دلالاتها وارهاصاتها التي لا تقبل الجدل.

تُراوح القصص في هذه المجموعة بين التوسط والقصر حيث يسعى الشقحاء إلى تقديم بانوراما إنسانية تتعاضد فيها الصور، وتتجسد معالم الفاجعة بشكل متكرر عن مآل أحلام جيل هذا العصر الذي باتت تغلب عليه سمة التردد والحيرة، وضياع الهدى على نحو قصة (العون) التي تُعد بحق ثمرة قوية المرارة من ثمار ألمنا اليومي حينما صوّر لنا القاص رحلة العناء اليومي على هيئة ومضة تكثف رحلة البطل الذي يعاني من أجل أسرته وتأمين متطلبات حياته حيث يتوج هذا الألم الدائب بمشهد يوم ممطر حزين يفارق فيه ابنه الحياة بعد أن عصفت بهذا الابن أنواء ألم لاح على هيئة تتويج لحالة المرض الذي عاناه رغم انبعاث فأل المطر الذي لم يستطع لوحده فعل أي شيء أمام سطوة الحزن والفقد.

في الجزء الثاني من المجموعة يعمد الكاتب الشقحاء إلى تقديم نصوص مقتضبة، تتمتع بحركة دائرية سريعة تناجز المشروع القصصي حالته الراهنة.. تلك التي تعتمد على الومض الخاطف رغبة في الوصول إلى الهدف خلال أقصر السبل وهو ما عمد إليه في قصص:

(الخادمة) و(رغبة) و(وردة) و(ألم) و(غفوة) و(الرابع) و(الرهان) و(إيلاف) و(انفجار) حيث تمتعت هذه القصص برؤية خاطفة لعنصر المفاجأة على نحو تصرف البطل في قصة (إيلاف) حينما وضع حداً لحياته تحت عجلات شاحنة في عرض الطريق العام.. فالقرار هنا سريع والنهاية ممكنة ولا تقبل التأويل.

قصص (المحطة الأخيرة) - كما أسلفنا - بانوراما متعددة الأطياف لحالة الإنسان الشقي والمتعب لفرط مكابداته توجها بفكرة القصة التي تحمل اسم المجموعة، فالمحطة الأخيرة تعني رؤية متكاملة عن مآل حلم العائلة بعد موت (الأم) حينما لم يعبأ الأبناء بما تركته، لنراهم وقد تفرقوا عن القصة الحقيقية لمآل تكوينهم حينما عبروا إلى المنافي في كل الجهات بعد أيام عزاء عابرة ظلوا حول بعضهم بلا روح أسرية تسهم في خلق علاقة حميمة تقرب مسافات النفوس بعد أن تباعدت على نحو ما يرصدها الشقحاء في تفاصيل هذه القصة الشيقة.

****

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

إشارة:

* المحطة الأخيرة (قصص)

* محمد المنصور الشقحاء

* دار الفارابي - بيروت - 2008م

* تقع المجموعة في نحو (192 صفحة) من القطع المتوسط

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة