Culture Magazine Monday  18/02/2008 G Issue 234
فضاءات
الأثنين 11 ,صفر 1429   العدد  234
 

كَيُّ ياقةِ القميص
د. مصلح النجار

 

 

في الفكر، وفي الحياة بنواحيها جميعاً، ثمّةَ حالةٌ من استيفاءِ الشكليّات، والاحتيال على الجوهر، يمكن أن نطلقَ عليها (كيّ الياقة)، تماما مثْلَ المتأنّقِ المُهْمِل، أو الذي يعاني من ضيقِ ذاتِ اليد، أو ضيق الوقتِ، والذي يكوي ياقة القميص، ولا يكمِلُ كَيَّ سائرِ أجزاء القميص. وهذا ينطبق على كثير من تعاطي مجتمعاتنا، ومثقّفينا مع الحداثة، والديمقراطية، والإنترنت، والتكنولوجيا، والمفاهيم القوميّة، والوطنيّة، والتعريب، وسواها.

وجديرٌ بالذِّكْرِ أنّ كيّ الياقة لا يضمن لصاحبه ألاّ تُجْبرَه الظروف على خلع الجاكيت، فقد يجبره على ذلك الحرّ، وقد يضطرّ للوضوء، وقد يذهب إلى الطبيب...إلخ.

لقد بلورت الجماعاتُ المصابةُ بداءِ الاستهلاكِ آليّاتِ تنفيذٍ مَحَلّيّةً للأشياء، والمفاهيم، فتغيّرت ماهيّاتها، ومفاهيمها، فالنعامة تظنّ أنّ العالم لا يراها إذا دَفَنتْ رأسَها في التراب، وصارت لا تراه.

مفاهيم الاستهلاك

ليس متوقّعًا أن تمارِس الأممُ وعيا استهلاكيّا، وليس من المعقول أن تصلَ الأممُ جميعا إلى حالة التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.

***

ثمّة مستوى معيّنٌ من الوعي، يحاول أن يحيط بالأعراضِ جميعها، فيفضي إلى فهمِ المواضعات، والخصائص، والجزئيّات، والتفريعات، وليس من المعقول أن يتوافر هذا الوعيُ عند الناس جميعهم.

***

المفاهيم تُستهلَك، تماما مثل الأشياء المادّيّة.

***

لا تطلق كلمة (استهلاك) على فرد أو جماعة تنتج شيئا، وتستعمله، وإنّما على ما ينتجه الآخرون، ويقتصر دورك على الاستعمال غير المقرون بإنتاجيّة مسبّقة.

وكذلك لا يوسم بالاستهلاك مَن ينتِج أشياءَ، مقابل ما يستهلكُه.

***

عندما يُصبح تعاملُ فرد أو جماعة مع الأشياء مقصورا على طريقة واحدة هي الاستهلاك؛ فإنّ مفاهيم الاستهلاك تتأصّل، ويصعب الخروج منها، أو عليها.

***

أُصيبت المجتمعات الاستهلاكيّة بداء الاستهلاك، ومن أعراض ذلك:

المجموعة الأولى:

1- استهلاك المنتجات.

2- استهلاك التكنولوجيا.

3- استهلاك الكَتْرَنَة.

4- استهلاك الإنترنت.

المجموعة الثانية:

1- استهلاك المفاهيم القوميّة.

2- استهلاك المفاهيم الوطنيّة.

3- استهلاك مفاهيم التعريب.

المجموعة الثالثة:

1- استهلاك مفهوم الديمقراطيّة.

2- استهلاك مفاهيم الحداثة.

3- استهلاك مفهوم الحرّيّة.

4- استهلاك مفهوم حقوق الإنسان.

- عمّان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة