Culture Magazine Monday  18/02/2008 G Issue 234
ذاكرة
الأثنين 11 ,صفر 1429   العدد  234
 

اهنأ بما أعده الله للمتقين
يحيى السماوي

 

 

(إلى روح أخي وصديقي الشاعر المبدع

علي عمر عسيري طيّب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته)

كان صباحاً ضاحك الشمس.. تراءى لغيري وكأنه مرآةُ عروسٍ قرويّةٍ.. فما الذي جعل عينيَّ تشعران بالعتمة، حتى بدوت وكأنني جليسُ قاعِ بئرٍ في ليلٍ فاحم السَواد كعباءة أمي؟..

مَسَحتُ المطرَ الناعمَ المتساقطَ من سماء عينيّ على طين خديَّ، وأعدتُ قراءة الخبر، مُسْتنجِداً بشاشَةِ الحاسوب، أن تغدو منديلاً يمسَحُ الضباب العالق بالأهداب، ويُمَسِّدُ جرحَ الروح، فتعلن لي أن الذي نعَتْه صحيفة الجزيرة ليس سميرَ قلبي ونديمَ أبجديتي: الصديق الصدوق الشاعر المبدع علي عمر عسيري، هذا الذي عرفته نهرَ بَشاشةٍ وحقلَ ودّ، وذائداً عن شَرَفِ المحبة..

لكنَّ شاشة الحاسوب أبتْ إلا أن تُخَرِّز عينيَّ بمسامير الحقيقة.. فكيف لا أسقطُ من شُرفةِ الصباح الضاحك، إلى قعرِ بئر العتمة حين تأكد لي أن الذي ووري الثرى هو ذات صديقي الصدوق الذي يدعوه الناس (علي عمر عسيري).. ويدعوه قلبي (ربيب التقى ونديم الأبجدية والذائد عن شرف المحبة)؟

وكيف لا تغتال العَبْرَةُ عصافيرَ ضحكتي إذا كان فأسُ الموت قد احتطب شجرةَ النسك المُثْقَلةَ بعناقيد التقوى والإبداع، وهي لمّا تزلْ في حضن الربيع؟

***

يا صديقي الغائب الحاضر، أعرف أنك لم تكن تخاف الموت، لا بَرَما من الدنيا ولا بَطَراً بالحياة، إنما لأنك قد اتخذتَ من: (اعملْ لدنياك كأنك تعيش أبداً.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) منهجاً لبصيرتك وقنديلا لبصرك..

وأعرف أن قلبك المضاء بحب الله لا يخشى ظلمةَ قبرٍ تعقبها إشراقةُ شمس الفردوس بإذن ربٍ كريمٍ لا يخلف وعداً..

لكني يا صديقي الصدوق، حزينٌ لأنّ ربيعك الذي انطفأ على حين غرة، قد ضاعف من وحشة خريفي.. فعسى أنك ستكون ممن قال فيهم رب العزة والجلال {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}..

وحسبك عشت حياتك عاملاً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، فاهنأ بما أعده رب العزة والجلال للمضاءة قلوبهم بنور التقى.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة