Culture Magazine Monday  29/12/2008 G Issue 264
الملف
الأثنين 1 ,محرم 1430   العدد  264
 
محمد العجيان إشارات التحول
العجيان الهارب!!
بدر بن أحمد كريم

 

في السنوات الأول من ظهور الرائي (التلفاز) في المجتمع السعودي، كان يعرض مسلسل (الهارب) الذي حاز على نسبة كبيرة من المشاهدين، وتابعوا حلقاته بشغف، ربما لأنه لامس أوتاراً حساسة عندهم، وربما لأن المجتمع كان حديث عهد بالتلفاز، مما جعله محور اهتمام الأسرة السعودية.

تذكرت ذياك المسلسل، حين علمت بأن هذا الملحق الثقافي بصدد إصدار عدد خاص يرصد سيرة ومسيرة أخي وصديقي (الأستاذ محمد العجيان) شافاه الله وعافاه، الذي ترك بصمات واضحة على الإعلام السعودي، لا يمكن أن يتجاهلها إلا من تجرد من نعمة البصر ولم يكن بصيراً، وربطت بين (العجيان) ومسلسل (الهارب) ليصبح عنوان هذه المقالة (العجيان الهارب). ماذا أقول عنه؟ هناك علاقة تنافر بينه من جهة، والطائرة من جهة أخرى، كانت عنده عقدة اسمها (عقدة الطائر) يخاف أن يستقلها في سفره، يتخلى عنها حتى لو كان في أشد الحاجة إليها، يفضل أن يسير على قدميه إلى أقصى مكان في الدنيا ولا يركب الطائرة، ترتفع درجة حرارته كلما سمع اسم الطائرة، وتزداد ضربات قلبه. عرفت ذلك -لأول مرة- عندما كان (العجيان) رئيساً لتحرير مجلة اليمامة، وأحد أعضاء الوفد الرسمي المرافق للملك فيصل رحمه الله، حينما كان في زيارة تاريخية للسودان، في إطار دعوة التضامن الإسلامي، وكنت آنذاك رئيساً للوفد الإعلامي الرسمي، المكلف بمتابعة النشاطات الرسمية للملك فيصل.

وال (عجيان) في هذا الموقف، يعلن تضامنه مع الفنان العربي الكبير (محمد عبدالوهاب) الذي لم يحدث -هو الآخر- قط أن استقل الطائرة في حياته، وتردد عنه أنه كان يقول ما معناه: (كيف أقبل أن أكون مربوطاً في مقعد، وحولي أناس يسيحون في فضاء الأرض بحرية تامة).

انتهت زيارة الملك فيصل للسودان، وكان من الطبيعي أن تعود الطيور المهاجرة إلى أوكارها (الوطن) فطلبت من الصديق (العجيان) الاستعداد للسفر إلى جدة - بالطائرة طبعا - ومنها إلى الرياض، فتح فاه من الدهشة وقال: (تبي تروح انت وربعك تفضل أما أنا فلا) ظننت في البداية أن عنده عملا إعلاميا لم ينجزه، أو أنه سيسيح في أرجاء السودان ليتعرف على ما فيه من ثروات طبيعية، لكن الأستاذ الكبير (عبدالمجيد شبكشي) رحمه الله، الذي كان رئيسا لتحرير صحيفة (البلاد) همس في أذني: (يابويا انت ما تعرف إن هذا الرجال ما يركب الطيارة) هنا حاولت أن أقنع (العجيان) بأنه لا خوف من الطائرة، وجعلت أكرر على مسامعه هذه الجملة، إلى أن فشلت في إقناعه، فاستقل سفينة بحرية إلى جدة، وبرا عاد إلى الرياض.

عقدة (العجيان) من ركوب الطائرة أصبحت الآن من مخلفات الماضي. ولت إلى غير رجعة، ودعها بحرارة وودعته بأحر منها، لقد سافر - شافاه الله وعافاه - بالطائرة إلى ألمانيا، للعلاج على نفقة خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) وعاد (العجيان) بالطائرة إلى الرياض، وابتسم وهو يلتقي بأصدقائه الذين أحبوه ويحبونه، وهم يهنئونه بسلامة العودة بالطائرة. هذا جانب من جوانب حياة (محمد العجيان) منحه الله الصحة، وأنعم الله بها عليه، ربما لا يعرفه كثير من الناس، راجيا إضافته إلى معلوماتكم عنه، مقترحا عليكم تهنئته على هذه الخطوة الجريئة والشجاعة!! فقد كان (هاربا) من الطائرات، ولكنه أصبح الآن لا يهرب منها وهي سابحة في الفضاء.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة