Culture Magazine Monday  29/12/2008 G Issue 264
فضاءات
الأثنين 1 ,محرم 1430   العدد  264
 
مداخلات لغوية
لا تقل (مشكلة كبرى)
أبوأوس إبراهيم الشمسان

 

يُستعمل اسم التفضيل المجرد من التعريف مذكر اللفظ منكراً مفرداً، تقول: زيدٌ أكرم من عمرو، وهند أكبر من دعد، والرجال أقوى من النساء، والنساء أصبر من الرجال.. وتلازمه (مِن) لفظاً أو تقديراً فتُفهم وإن حُذفت، لأن المعنى يقتضيها، ولذلك لا يُنعت به، قال سيبويه (الكتاب،3: 644) (ألا ترى أنَّك لا تصف كما تصف بأحمر ونحوه)، لا تقل: (رجلٌ أصغر ولا رجلٌ أكبر).. وأما المبرد فذهب في (المقتضب 3: 274) إلى أنّ (أفعل) يكون للتفضيل أو لغير التفضيل أي بمعنى فاعل، ووصف المبرد ذلك بالاطراد.. واعتمد على نصوص محتملة التأويل.. وقال الشاطبي: (المقاصد الشافية،4:581) عند قول ابن مالك:

وأفعل التفضيل صله أبدا

تقديراً أو لفظاً بمن إن جردا

(قوله: أبدا فيه تنكيت وتنبيه على مسألة، وهي أن المجرد لا يأتي بمعنى اسم الفاعل مجرداً من معنى (من) جملةً قياساً أصلاً، خلافًا للمبرد القائل بأنه جائز قياساً، فيجوز عنده أن تقول: زيد أفضل، غير مقصودٍ به التفضيل على شيءٍ، بل بمعنى فاضل).. ومثال ذلك قول الفرزدق:

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتًا دعائمه أعز وأطول

قال الشاطبي: وأما بيت الفرزدق، فغير خارج عن تقدير (من)، فقد روي عن رؤبة بن العجاج أن رجلاً قال له: يا أبا الجحّاف، أخبرني عن قول الفرزدق: إن الذي سمك السماء... البيت: أطول من أي شيء؟ فقال له: رويداً، إن العرب تجتزئ بهذا.. قال: وقال المؤذن: الله أكبر؟ فقال رؤبة: أما تسمع إلى قوله: الله أكبر، اجتزأ بها من أن يقول: من كل شيء.. هذا ما قال، وهو ظاهرٌ في صحة التقدير، وأنه مراد العرب.. ثم إن الذي يدل على أن المراد معنى من، أن أفعل في هذه المواضع ونحوها لا يُثنى ولا يُجمع، ولا يُؤنث، وما ذاك إلا لمانع تقدير من.. وقال أيضاً: (فالناظم نكّت على هذا الرأي، وارتضى مذهب سيبويه، ومن وافقه، وأن أفعل التفضيل لا يتجرد عن معنى (مِن) إذا كان مجرداً أصلاً.. وما جاء مما ظاهره خلاف ذلك فهو راجعٌ إلى تقدير معنى من، أو إلى بابٍ آخر.. فأما المفاضلة فيما يرجع إلى الله تعالى فهي بالنسبة إلى عادة المخلوقين في التخاطب، وعلى حسب توهمهم العادي).. وجاء في (شرح التسهيل،60:3) عن استعمال (أفعل) بمعنى فاعل (والأولى أن يمنع فيه القياس ويقتصر منه على ما سمع، والذي سمع منه فالمشهور فيه التزام الإفراد والتذكير إذا كان ما هو له مجموعاً لفظاً ومعنىً).. فإن يكن (أفعل) المجرد لا يوصف به فكذلك مؤنثه (فُعلى)، وجاء في (درة الغواص للحريري 16-17) (ويقولون هذه كبرى وتلك صغرى، فيستعملونهما نكرتين وهما من قبيل ما لم تنكره العرب بحال ولا نطقت به إلا معرّفاً حيث وقع في الكلام والصواب أن يُقال فيهما هذه الكبرى وتلك الصغرى أو هذه كبرى اللآلئ وتلك صغرى الجواري).. فلا تقل إذن مشكلة كبرى، بل المشكلة الكبرى، أو أكبر المشكلات، أو كبرى المشكلات، لأنه بدخول (أل) والإضافة فارق شبهه بأفعل التعجب فصار إلى المطابقة.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7987» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة