Culture Magazine Monday  29/12/2008 G Issue 264
فضاءات
الأثنين 1 ,محرم 1430   العدد  264
 
حكايتي.. والكتاب..!
سعد البواردي

 

بيني وبينه ألفة.. عمرها خمسون عاماً وأكثر.. هو ثروتي التي أعتز بها وأحرص على اقتنائها وأعود إليها.. وآنس بها..

وخير جليس للأنام كتاب..

ورغم الحرص. ورغم الألفة تأبى الحروف إلا أن تكون موجعة ومفجعة.. وغير قابلة للتعويض..

منذ قرابة نصف قرن كان لدي مكتبة صغيرة في الرياض انتقيتها كتاباً كتاباً.. أكثر من ألف عنوان كانت هي المحصلة. انتقلت إلى بيروت للعمل.. وأودتها ملحقاً في دارتي على شارع الجامعة بالملز. الدارة جرى تأجيرها على صديق عزيز اتخذ منها مقراً لأعماله التجارية لبضع سنوات.. وحين فراغه منها عادت الدارة ولم تعد المكتبة.. لقد امتدت الأيدي إليها بعد إفراغ الملحق من موجوداته.. وذهبت في خبر كان.!

هذه واحدة..

الثانية كنت يومها في بيروت أزاول عملي.. وفي منتصف السبيعينات تفجر الوضع الأمني في لبنان.. وكان لزاماً ترك المكان بحثاً عن الأمان.. تركت فيما تركت مكتبة قيمة قوامها ألف وثمانمائة كتاب على الأقل.

الغياب القسري ترك النزل. والفراغ الأمني عرضه للسطو المسلح.. كل شيء اختفى وهو غال وثمين.. إلا أن الأثمن تلك الكتب والمراجع التي جمعتها واحداً بعد الآخر.. بما فيها مجموعة من الكتب المهداة..

مكتبتان ذهبتا أدراج الرياح أحسست بضياعهما ضياع عمر.. وأخيرُ أنيس ورفيق كنتُ ألجأ إليه عند الحاجة.

السطو وحده ليس المشكلة الوحيدة التي واجهتها في حياتي بالنسبة للكتاب.. وفقدانه.. إنه نهاية الإعادة وبخفي حنين.

في القاهرة حيث كنت أعمل رغب صديق عزيز يومها كان طالباً يعد لرسالة للدكتوراه عن وطننا الغالي تزويده بمراجع تساعده على أداء رسالته.. شعرت بالسعادة أن أجدَ العون وأعينه تحقيقاً لطموحاته.. ومن مكتبتي الخاصة زودته بعدة مراجع عن المملكة إلى جانب بعض المؤلفات ذات العلاقة.

حصل الطالب على درجة الدكتوراه بتقدير جيد.. انتظرت إعادة ما استعاره مني.. وما زلت أنتظر بعد مرور قرابة عشرين عاماً مضت وانقضت. صديقنا المسافة بيننا وبينه ليست بالبعيدة.. ولكن مساحة رد الجميل كانت هي الأبعد: سامحه الله. ومن يومها أعض على مكتبتي بالنواجذ..

بعدها.. وضعت عنواناً ملازماً ولازماً لكل كتاب أحتفظ به داخل مكتبتي المتواضعة في الرياض تقول كلماته: وهي لشاعر قديم:

إذا استعرت كتابي أو شغفت به

فاحرص وقيتَ الردى من أن تغيره

واردده لي سالماً إني شغفت به

لولا مخافة كتم العلم لم تره..

*******

لإبداء الرأي حول هذه المراجعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «5621» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض الرياض ص. ب 231185 الرمز 11321 فاكس 2053338

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة