Culture Magazine Thursday  01/04/2010 G Issue 304
أقواس
الخميس 16 ,ربيع الثاني 1431   العدد  304
 
في ثقافة برِّ الأبناء بآبائهم بعد رحيلهم.!
حمد بن عبدالله القاضي

•• أن يبرَّ الأبناء والبنات بأمهاتهم وآبائهم إذا كانوا أحياء هذا أمر طبيعي بل واجب شرعاً.. وهو سلوك يحمد لكل ابن وابنة, لكن الأروع عندما يكون البر بعد رحيل الأب أو الأم.. وقد لمست هذا النوع من البر المضيء من «بعض الأبناء» عندما أصدرت كتابي «غاب تحت الثرى أحبَّاء قلبي» الذي رثيت فيه عدداً من الأخيار والخيرات.. ومن بينهم آباء لأبناء فاضلين.

لقد كان امتنانهم ودعاؤهم والصدى لديهم عبر الاتصال والرسائل, وامتداد عمل الخير كبير ومؤثر ورحم الله آباء هؤلاء الأبناء البارين, فلم يمت من خلفوهم بل إنهم باقون بذكر ووفاء أبنائهم لهم.

وإنني أشير إلى بعض هذه الأسماء التي تفاعلت وتأثرت مع رثائي لآبائهم أمثال الشيخ الكريم عبدالعزيز بن إبراهيم آل براهيم وأخوه الفاضل الشيخ خالد بن إبراهيم آل براهيم الذي كان والدهم - رحمه الله - أحد المرثيين في الكتاب: (رحل الشيخ إبراهيم آل براهيم طيب الذكر وجميل الفعل), ثم أخي الأستاذ عبدالله الناصر وإخوته البارين بأبيهم حياً وميتاً, وقد كان أبوهم - رحمه الله - واحداً ممن كتبت عنهم: (غياب رجل فاضل الشيخ محمد بن حمد الناصر), والأستاذ العزيز: سعود بن عبدالله بن طالب الذي وزع عدداً من نسخ الكتاب على أحباء أبيه كما عبر لي عن غامر الامتنان هو وإخوته لما جاء في كتابي عن والدهم - رحمه الله -: (الشيخ عبدالله بن سعود بن طالب والذكرى الطيبة), وأخي الفاضل: فايز بن حمود المعجل الذي كتبت عن أبيه - رحمه الله - في الكتاب (رحم الله الشيخ حمود المعجل رجل الخير) لقد جسد امتنانه بالاتصال وطلب مجموعة من الكتاب ليقوم بتوزيعها على أقارب وأحباء أبيه من منطلق التوجيه النبوي بصلة من كان والده يحبهم، كما غمرني أبناء الشيخ الوالد عثمان الصالح رحمه الله بهتان من الامتنان والوفاء, كما تواصل أخي ابن العم د- أحمد بن عبدالعزيز القاضي الذي رثيت والده (رحيل عزيز غال), والأستاذ الزميل بالشورى: عبدالوهاب بن محمد آل مجثل الذي لم أرث قريبا له في الكتاب ولكنه تفاعل وتأثر بقراءته لرثاء الراحلين فتذكر أباه وأقاربه الذين فارقوا الدنيا, لقد وصلتني منه رسالة تقطر شجناً وأدباً. والامتنان موصول لكل من وصلتني دعواتهم وشكرهم سواء عبر اتصالاتهم أو عبّروا عن مشاعرهم عند اللقاء بهم.

ليس أجمل من الوفاء, وهو يفيض جمالا أكثر عندما تتجه بوصلته نحو الراحلين والراحلات من أقارب وأحباب وأخيار.

لقد كانت رسالة ترسيخ «الوفاء» هي «الرسالة الغالية» التي أردت إيصالها عبر كتابي «غاب تحت الثرى أحباء قلبي»، وحسب هؤلاء الراحلين الوفاء لهم والدعاء بالرحمة من أبنائهم وبناتهم, فضلا عن تذكرهم بعمل الخير ليصل الأجر لهم بحول الله وهم أحوج ما يكونون إليه إذ غادروا هذه الدنيا ولن يعودوا, وتفديهم القلوب والأرواح لو كان ذلك سيعيدهم. ألم يقل غازي القصيبي - رده الله سالما -:

((لو يرد الفراق لانتصب الحب

سياجا فما استطاع الفراق))

•• إن الصدى لما يقوم به الإنسان يفرحه حتى ولو لم يكن إطراءاً, فمن التفاعل الإيجابي الذي تلقيته بعد صدور هذا الكتاب بعض ملاحظات تهدف إلى المزيد من تحقيق الكتاب لرسالته, وأشير إلى ملاحظتين مهمتين: الأولى: أبلغني عنها عدد من الأحبة الذين قرؤوا الكتاب, وفي مقدمتهم معالي التربوي المثقف د- محمد بن أحمد الرشيد, وهي عدم ذكر السنة التي نشر فيها المقال أو سنة وفاة الراحل, وهذه ملاحظة مهمة لم تغب عن ذهني لكن ما جعلني لا أفعل ذلك أن بعض المقالات - وهي منشورة - كانت مصورة عندي ومع الأسف لم يدون على بعضها تاريخ النشر وظللت أفكر كثيراً.. هل أنتظر حتى أبحث وأعرف تاريخ النشر, ووجدت أن هذا سيطول, ومن الصعب أن أكتب تواريخ بعض المقالات أو تواريخ وفاة بعض من رثيتهم وأدع البعض الآخر, لذا رأيت إصدار الكتاب دون هذه التواريخ على أن أبحث عنها عبر أرشيف الصحف, وعبر سؤال من لهم علاقة بهؤلاء الراحلين لأتداركها وأثبتها في الطبعة الجديدة, وهذا ما سيتم في الطبعة الثانية إن شاء الله, وقد أوشكت هذه الطبعة على النفاد.

أما الملاحظة الثانية فقد جاءتني من بعض الإخوة الأعزاء وهي تتعلق بعدم رثاء بعض الأسماء الغالية سواء كانوا من الأقارب أو الأحباب أو العلماء أو غيرهم.. وهذا فعلا لم يتم فأنا لم أرث كل الراحلين العزيزين عليّ, ولا أستطيع ذلك, فالراحلون والراحلات أعداد كبيرة - رحمهم الله - وكيف أستطيع أن أكتب عن الجميع, والأمر الآخر أن هذا الكتاب هو مقالات تمّ نشرها وقت رحيل من رثيتهم, وقد تم ضمها بين دفتي هذا الكتاب توثيقاً لها وتذكيراً بالمرثيين فيها إيفاء لسيرتهم وإبقاء لذكرهم وللدعاء لهم. وإن كثيراً من الراحلين لم أكتب عنهم وقت رحيلهم إما لأني كنت مسافرا, أو لأني في مرحلة انشغالي بدراسة الماجستير أو بحكم مشاغل الحياة والعمل, وهناك بعض الراحلين أذكر أنني رثيتهم وقد بحثت طويلا عن رثائي لهم بين ركام الصحف فلم أجد تلك المقالات.. وبعد الطبعة الأولى ظللت أبحث حتى وجدت أغلبها ومن ضمنها رثائي لمعالي الشيخ الراحل ذي السمعة الجميل محمد النويصر - رحمه الله - وغيرهم, وسيجدها القراء في الطبعة الجديدة, وأخيراً فإن الكتابة ليست في خيار الإنسان فهي تكتبك ولا تكتبها, وبالأخص الكتابة ذات الطابع الوجداني التي تفيض من دم القلب لا مداد القلم, بل إن فيض الشجن يجعلك - أحياناً - عاجزاً عن أن تسطر حرفاً في رحيل غال أو غالية عليك, ألم يقل الشاعر «أحمد شوقي» عندما ظل فترة طويلة بعد رحيل أبيه لم يكتب بيتاً وعندما رثاه قال: (إذا عظم الأسى عزّ العزاء).

وبعد:

•• باقة امتنان لمن أثنى وقدّر, ولكل من احتفى ولاحظ، ودعوة صادقة لكل من سكبت عينه «دمعة حرى» وهو يقرأ في هذا الكتاب رثاء غال فقده أو غالية غابت عن دنياه, وموعدنا وموعدهم - بحول الله - جنة المأوى.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة