Culture Magazine Thursday  01/04/2010 G Issue 304
فضاءات
الخميس 16 ,ربيع الثاني 1431   العدد  304
 
مداخلات لغوية
الوقف بين مطل الحركة والتسكين
أبو أوس إبراهيم الشمسان

يسقط التنوين عند الوقف فينتهي اللفظ بحركة قصيرة؛ ولكن الوقف لا يتحقق بها؛ لأنّه لا يمثل قرارًا ينتهي عنده النفس ويستريح المتكلم، ومن أجل هذا كان مطل الحركة هو الحل الطبيعي لهذه المشكلة، وهذا ما رواه لنا سيبويه (الكتاب،4: 167) في قوله: «وزعم أبو الخطّاب أنّ أزْدَ السّراة يقولون: هذا زيدو، وهذا عمرُو، ومررتُ بزيدي، وبعمْري؛ جعلوه قياسًا واحدًا؛ فأثبتوا الياء والواو كما أثبتوا الألف». ولعل هذا الإجراء الذي ما زالت بقاياه مسموعة في جنوب الجزيرة إلى اليوم هو الأصل في الوقف، غير أن اللغة المشتركة الفصحى نزعت إلى التخلص من الواو والياء للثقل فيهما وأبقت على الألف. ومن لغات العرب أن يعامل المنصوب المنون معاملة المرفوع والمجرور فيوقف على الحرف بالسكون مطلقًا، أي تحذف حركته ويحذف تنوينه، وهذه لغة (ربيعة)، قال السيوطي (الهمع، 3: 427) «ولغة ربيعة حذف التنوين من المنصوب، ولا يبدلون منه ألفًا، فيقولون رأيت زيدْ، حملا له على المرفوع والمجرور، ليجري الباب مجرى واحدًا، قال:

ألا حبَّذا غُنْمٌ وحُسْنُ حَدِيثها *** لقد تَرَكَتْ قلبي بها هائماً دَنِفْ

ووجه الحذف في الرفع والجر استثقال الإبدال فيها».

وقال أبو النجم العجلي:

تُكَتِّبانِ في الطَريقِ لامَ أَلِفْ

جاء في شرح هذا البيت قول البغدادي في (خزانة الأدب، 1: 99):»فالظاهر أن يقول لامًا وألفًا. وجهه أنه ... وقف (بالسكون) على الثاني على لغة ربيعة».

ومن ذلك ما جاء في قول الشاعر:

كفي بالنّأي من أسماء كافي

وقد وقف الشاعر هنا بالسكون على لغة ربيعة، جاء في (خزانة الأدب، 4: 439): «على أنّ الوقف على المنصوب بالسكون لغة، فإن (كافيًا) مفعول مطلق وهو مصدر مؤكِّد لقوله كفى، وكان القياس أن يقول كافيًا بالنصب، لكنّه حذف تنوينه ووقف عليه بالسكون، والمنصوب حقّه أن يبدل تنوينه ألفًا». وقرئ بالوقف على تنوين المنصوب بالسكون، قال ابن خالويه (الحجة،ص72): «قوله تعالى (من السّمَاء ماء) (22- البقرة) وقوله (إلاَّ دُعاء ونِداء) (171- البقرة)، وما أشبه ذلك من الممدود المنصوب المنوّن. يقرأ عند الوقف عليه بإثبات الألف عوضًا من التنوين، وبالمدّ على الأصل. وبالقصر وطرح الألف... والحجة لمن قصر وطرح الألف أنّ يقول: الوقف يزيل الحركة في الرفع والخفض، فإذا زالت الحركة في الرفع والخفض سقط التنوين، لأنه تابع لهما، فجعل النصب قياسًا على الرفع والخفض. ويستدل على ذلك أنها مكتوبة في السواد بألف واحد».

والذي ننتهي إليه أن الأفصح في الوقف على المنصوب المنون أن يكون بالألف، ويجوز أن يوقف عليه بالسكون بلا ألف متابعة للغة ربيعة، وأما ما نسمعه في لغة المحدَثين اليوم فهو الوقف بالسكون أو على التنوين.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة