Culture Magazine Thursday  18/03/2010 G Issue 302
أوراق
الخميس 2 ,ربيع الثاني 1431   العدد  302
 
سرج المتنبي
سعود اليمني

يبدأ ضجيجه كل صباح من قرار الصوت إلى علوه، فبعد أن يتناول إفطاره يقلب طرفيه على ما أنفق بالأمس ضجرا بنظرات ممتلئة بالتفاصيل المبعثرة لقد وضعته هنا؟ كان هناك؟ أين هو؟ وتستمر تخرج هذه المبعثرات إلى أن يقطعها طارئ جديد، وكأنه ينتظره طويلا ليأتي مهشما الضوء على صورته بمرآة الممر السريع، فمع الجديد يضيف إلى عبثه اليومي محفزا رائعا يمنحه القوة والمهابة ليكون في المقدمة، كيف لا وقد أرهق في تجميع مفرداته اليومية وصارت تختلط مع أصوات أنفاسه المتسارعة، يودع البيت تاركا آثار ضجيجه في كل زاوية وبقية من بقاياه في كل انحناءة، ترى إلى أين المسير أيها الثقيل؟ طبعا إلى القوم المجتمعين هناك في بعيد ما تراك تفعل بهم؟ أعلمهم ما يجهلون وأفقههم فيما قد لا يفقهون كيف لا وقد خرجت مهابا وفي ضجيج اليوم فردا مستجابا.. ها قد وصلت إليهم ما هذا الهدوء السخيف الذي يلفهم، انظر البشر على محياهم حين قدمت أتدري لماذا لأنني أحيط التفاصيل خبرا وألمس منها كل ناصية.. دعني أترجل من السيارة لأكسر عظم هذا الهدوء البغيض السلام عليكم.. ويبدأ رحلة الألم ويأخذ بناصية الحديث فيقول: أما بعد ماذا أحدث اليوم ؟ لدي الكثير الكثير فما إن يبدأ الحديث حتى يهرب صاحبنا إلى عروة بن الورد وإذا به مسرعا على صهوة جواده لا يستقر بمكان فعلم أن ما كان قد أصاب عروة أصابه، وما إن تحدث الضيف عن خادمة هربت بالأمس، حتى قال صاحبنا: أين أنت يا أبا تمام؟ فرد عليه دونك عروبة اليوم لدى البرد وإني قد أطفأت ميراجها أنجمكم, فدع سيفي معتصما بعروبة الأمس، وفجأة قفز حادث الطريق فضرب على أوتار شفتيه، فجلد القوم، وصاحبنا يبحث عن آخر فقل للمتنبي : ألديك مقام للائذ؟ بعد أن قذف بالقوم في غيابة العين وشرب بقايا من الباقيات.. و عرج بهم على بكم باع وبكم اشترى فأعطى لصاحبنا البحث من جديد عن ملاذ آمن يتقيه فذهب للبرد وإني وقال له: إني مرسل من صاحبك أبي تمام لأقرأ عروبة اليوم، فقال له عروبة يومكم الآن أدهى وأمر.. فرجع إلى الضيف منكسرا حزينا الذي ما فتئ يلاحقه بضربات سيفه البتار، فعاجله بضربة عن قيادة المرأة للسيارة فصرعه !!

إنه انتصار ساحق لتفاصيل المتحفز دائما لكل شيء وإذا بجميع القوم قد بانت الهزيمة من أبصارهم وما تخفي قلوبهم من آثارها أكبر وأشد.. توجهوا جميعا إلى الطريق عله ينقذهم ويخفف من مصابهم ليقذف لهم بقادم آخر مختلف.. وتحقق الرجاء فجاء آخر من بعيد وألقى السلام فغدا هو مختلف تماما.. استبشروا كثيرا فثيابه مختلفة ومشيته وهدوؤه تثيران المهابة، نعم جاء الفرج.. سألهم عن أحوالكم وصحتهم وكل ما يتعلق بأمورهم.. انتظروا ماذا تراه سيقول ؟ بدأ بقيادة المرأة للسيارة ومر على حوادث الطريق وانتهى بهروب الخادمات !! أحدهم لما ذهب الرجل قال : لقد غير علينا نمطية الحديث عند صاحبنا فأعاد ترتيب الأولويات من جديد !! فضحك الجميع لكن صاحبنا ظل يعاتب المتنبي على سرجه، وحمله مسؤولية ما يحدث فإذا كان قد قتله بيت من الشعر فإنه قد قتل بعده الآلاف ببيت من الشعر يوم قال : أعز مكان في الدنى سرج سابح... وخير جليس في الزمان كتاب.. ترى ما الذي عرف المتنبي بمكتب شؤون الخادمات ؟

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة