Culture Magazine Thursday  23/12/2010 G Issue 326
أفق
الخميس 17 ,محرم 1432   العدد  326
 
مقاربة
ميسون أبو بكر في ديوانها الجديد «نوارس بلون البحر»:
قصائد الديوان ترتق الفارق بين الأحلام والواقع
عبدالحفيظ الشمري

تذيع قصائد الشاعرة ميسون أبو بكر مفاتن الشعر، وتبوح بمكنون الأمل الطامح نحو الحياة والمتشبث بألق الجمال حيث تنسج الشاعرة من قماشة الكلمات ذلك الشكل البديعي لديوانها «نوارس بلون البحر» الذي يحفل بالصور الشعرية الجميلة واللغة الهادئة غير المتكلفة حيث تكون فاتحة البوح في الديوان قصيدة «نوارس..» حاملة اسم الديوان ومفصحة عن مساربه.. فهي المصافحة الأولى للقارئ إذ تسعى الشاعرة ميسون ومنذ القصيدة الأولى إلى بناء الكلمات بلغة حالمة تنصت تحت أفيائها ذلك الجذل الفاتن:

من السماء

سأستعير ذاكرة الغيم

لأستدل على مراعي الشمس والمطر

وعلى النوافذ التي غشتها الظلال

من الغيم ستهطل نوارساً

بلون البحر تصفق بجناحيها

تتوالى قصائد الديوان على هذا النحو المسترسل من صور البوح الوجداني الهاطل مودة وحباً للحياة رغم المعاناة لفرط الغربة وقسوة البعداء وغياب الأمل في زمن باتت تشيخ ذاكرته وينسى كل شيء جميل لتحاول الشاعرة ميسون أن ترتق الفارق الأليم بين أحلامها وواقعها من خلال القصيدة التي تعتني بها، بل تجعلها بياناً شعرياً واضحاً ضد حالة التردي التي تحياها الأمة منذ عقود.

قصائد الديوان خفقات قلب أنثى هدها ألم الفراق للوطن فلم تجد سوى الشعر لتتداوى به، وتحقق بعضا من توازنها الإنساني الذي بات يضطرب ويسجل تحولاته الخطيرة على كل الأصعدة، لتعنى ميسون في شرح هذه المعادلة الغاية في التعقيد بين وطن يغيب وحزن يحظر وامرأة يسكنها الوعي ولا تبارح فحوى القصيدة التي تشاطرها الأنوثة وتصنع منها هذه الانثيالات الوجدانية الشيقة.

في الديوان بريق «القصيدة الوعي».. ذلك الهاجس المجنح، والتحول الوجداني من حلم ذائع الصيت إلى حزن أشد وضوحاً والتماعاً، ففي هذا التحول نظرة شعرية ثاقبة تعبر الشاعرة من خلالها إلى معنى القصيدة، والمراد الممكن من هذه الكلمات التي ترصفها بعناية لتصوغ منها ومضة الوعي التي تساوق لحظتها البكر حينما تغني الشاعرة ألق البوح:

ها أنت مثل الغيم ناعسة

ومثل الريح ثائرة، ومثل القلب نابضة

أنت الحياة بصخبها، وهدوئها

لو تعلمين..

كم أنت فاتنة.. وليس معي سوى

حروف قصائدي وقوافل الكلمات أهديها إليك.

لغة الديوان رشيقة وغير متكلفة، لتأتي القصائد محملة على هذا الشعور الواضح غير الملتبس أو المحمل على فعاليات رؤية مختلفة، فكل قصيدة في هذا الديوان حملت فكرتها التامة ولم تأت لمجرد الرمز أو الإيماء إنما تساوقت الصور الشعرية مانحة للقارئ فرصة التقاط الخطاب الشعري المقصود من وراء كل نص ورد في هذا الديوان.

قصائد الشاعرة ميسون أبو بكر مفعمة بحب الحياة، والتوهج والعطاء رغم وجود مثبطات كثيرة، لنراها في هذا الديوان وقد عنيت بالبناء الشعري المتقرب للحب والجمال وصور البراءة والتأمل للحياة من منظور إنساني متفائل، فلم تشأ أن تشق على القارئ بمناحة الشعر المعهودة إنما طوعت مكنونها الجمالي في كل قصيدة لينهض نحو كل ما هو مبهج ويحقق شرطية الوجود الحالم بغدٍ أفضل، والمشع بوعدٍ أرحب:

«يتدفق نبضي كالشلال

أنصت.

يسمعني الكون صدى همسي

يصيح قلبي كالموسيقى

وحروفي ألحاناً..»

حوى الديوان أربعا وعشرين قصيدة راوحت بين التوسط والقصر، وظلت الشاعرة فيه وفية لمذاهب الشعر، لتعزف على تنويعات القصيدة بين حر منثور، وموزون مقفى، وتفعيلة متهادية، ليكون الديوان إضمامة شعر يسكنها عبق البوح الجميل.

إشارة:

نوارس بلون البحر(شعر)

ميسون أبو بكر

الدار العربية للعلوم (ناشرون) - بيروت 2010م

يقع الديوان في نحو (88صفحة) من القطع المتوسط

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة