Culture Magazine Thursday  06/10/2011 G Issue 349
ذاكرة
الخميس 8 ,ذو القعدة 1432   العدد  349
 
محمد صلاح الدين.. لقد كان له من اسمه نصيب!!!
د. زهير الأيوبي

أحببت اسم (صلاح الدين) منذ نعومة أظفاري، وربما كان السبب معرفتي لأنه أحد الأسماء الرئيسية التي كانت تطلق على جدي الأكبر (الملك أبو المظفّر يوسف بن أيوب).. المعروف بـ(صلاح الدين الأيوبي).

وحينما بلغت التاسعة من العمر رزق والداي عليهما رحمات الله بولدهما الرابع فأسمياه (محمد صلاح الدين)!.. فكان هذا الاسم «المركّب» لواحد من أشقائي..

وعندما كبرت أكثر وصرت أتابع أخبار الصحف وأحداث (الراديو) لفت نظري اسم السيد (محمد صلاح الدين باشا) أحد وزراء الخارجية المصريين البارزين في حكومات (حزب الوفد) قبل عام (1952) الذي كان له دوره البارز، وصوته القوي ولاسيما في أثناء المحاكمات التي أقيمت له ولأمثاله من السياسيين بعد تلك السنة، فأعجبت به أشد الإعجاب.

وحينما أتيت إلى المملكة قبل ثمانية وأربعين عاماً.. عملت مذيعاً في (إذاعة جدة)، وبعد فترة قصيرة من عملي فيها، أسند إليّ تقديم برنامج يومي مستخلص من كتاب (في ظلال القرآن) لشهيد الإسلام الأستاذ (سيد قطب) عليه رحمة الله.. وهو (لمن لا يعرفه) كتاب تفسير للقرآن جامع مانع فريد من نوعه.. كانت مدة الحلقة الواحدة في حدود عشر دقائق.. وكنت أبذل للحلقة الواحدة من الدراسة والفهم وتقطيع الجمل، وضبط أواخر الكلمات بالشكل، ومراجعة ما يلزم لبعضها من المصادر ما يصل في بعض الأحيان إلى أربع أو خمس ساعات.. وبعبارة أخرى فقد كان الذي يسمعني وأنا أقوم بتقديم حلقات ذلك الكتاب وهو لا يعرف من هو صاحبه، كان يظن أنني صاحبه، وأن الكتاب من تأليفي!!

وفي ذات يوم من تلك الفترة المبكرة من عملي في (إذاعة جدة)، كنت جالساً مع عدد من الزملاء في صالة من صالات أحد الفنادق، أطلّ علينا أحد الأشخاص فسلّم على من معي من الزملاء الذين يعرفهم ويعرفونه.. فلما وصل لعندي عرّفني بنفسه وقال: أنا محمد صلاح الدين.. أعمل صحفياً.

قلت: محمد صلاح الدين؟

قال: نعم.. هل في اسمي شيء؟

قلت: فيه شيء كثير (وأنا أبتسم ابتسامة عريضة)!!.. على كل حال: أنا اسمي زهير الأيوبي.

فقال لي رحمه الله: لقد عرفتك من صوتك قبل أن تعرّفني باسمك! أنت الذي تقدم (في ظلال القرآن) كأحسن ما يقدّم! لا بد من اللقاء، والتحدث بصورة مطولة.. أنا أجلس هنا في كثير من الأحيان.. وأستأذن الآن فأنا على موعد بعد دقائق قليلة مع عدد من الزملاء الصحفيين.

) ) )

بعد يومين أو ثلاثة التقيت مع الأستاذ (محمد صلاح الدين) عليه رحمة الله، في ذلك المكان لقاء مطولاً، قال لي في بدايته: ما هو الشيء الكثير الذي وجدته في اسمي كما قلت في لقائنا الأول؟ فسردت عليه قصة حبي لاسم (صلاح الدين) و(محمد صلاح الدين) وأسباب هذا الحب فقال لي: أشكرك على الجانب الشخصي لي من هذه القصة.. وأما (صلاح الدين) جدّك الأكبر! فأنا أحبه أيضاً.. وأنا أجزم بأنه لا يوجد في العالم مسلم صادق إلا ويحبه ويقدره ويترحم عليه، ولا يوجد مسلم حر كريم أبي عزيز إلا ويتذكر موقفه البطولي الفذ يوم وحّد المسلمين ورصّ صفوفهم ووقف أمام جموع الفرنجة الصليبيين الذين قدّموا من كل مكان في (أوروبا)، وهزمهم ومزّقهم شرق ممزق في (معركة حطين) على أرض (فلسطين) وحرر (القدس) وطهرها من شرورهم وآثامهم، وأعاد (الأذان) بـ(الله أكبر - الله أكبر) يصدح من على منائرها وجبالها وأكامها.

.. ثم قال لي الأستاذ (محمد صلاح الدين) عليه رحمة الله: أنا أتابع (في ظلال القرآن).. أنت ناجح جداً في تقديمه.. وأظن بل أجزم أن (السيد) وكان يقصد (الأستاذ سيد قطب وكان في ذلك الوقت لا يزال على قيد الحياة).. يسعده تقديمك لكتابه هذا، ويسعده كذلك احتفاء الإذاعة السعودية به!

ثم سألني عليه رحمات الله: هل أنت من الإخوان المسلمين؟ قلت: لا أنا لست من الإخوان المسلمين، بل أنا من الإسلاميين.. لكنني أعرف كثيراً من (الإخوان) ولي فيهم كثير من الأصدقاء!

فقاطعني وقال: المم أن تكون إسلامياً وأن يكون الإسلام هاجسك، الذي تسعى إلى تطبيقه في نفسك وأسرتك وفي مجتمعك! قلت: أرجو الله أن يوفقنا إلى ذلك.

كان (محمد صلاح الدين) عليه رحمات الله في ذلك قد بلغ عامه الخامس عشر من العمل الصحفي، وكنت قد تخطيت العام الخامس في عملي الإعلامي في (التلفزيون) ثم في (الإذاعة والتلفزيون في سورية، قبل أن آتي إلى المملكة.. وكان عليه رحمة الله، قد وصل في ذلك الوقت إلى قمة العمل الصحفي، فكان (رئيس تحرير) إحدى الصحف اليومية.. وقد اشتهرت مقالاته التي كان يكتبها وظل يكتبها إلى آخر حياته بالصدق والموضوعية، واللغة الصحفية البليغة، وكان هادفاً من ورائها.. كان أمّاراً بالمعروف، نهّاءً عن المنكر، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن كما وجّهنا الله سبحانه وتعالى، وكما علّمنا رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.. وكان كثير من مقالاته تتغنى بأمجاد الإسلام، وتدعو إلى إحياء القيم الإسلامية، وإرساء قواعدها الحصينة الرصينة في النفوس أفراداً وجماعات ودولاً، مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، فكان (محمد صلاح الدين) عليه رحمة الله، ومنذ شبابه، كان (فقيه الصحافة) كما وصفه الأخ الأستاذ (علي الشدّي) أطال الله في عمره.

بعد شهور قليلة من عملي في (إذاعة جدة)، وقع الاختيار عليّ وعلى عدد من الزملاء الآخرين أذكر منهم (محمد عبدالرحمن الشعلان) و(منير الأحمد) و(سعيد الهندي) و(محمد كامل خطاب) عليهم رحمات الله، والأستاذ (منير شماء) وغيرهم فانتقلنا إلى الرياض في شهر رجب من عام ألف وثلاث مائة وأربعة وثمانين، استعداداً لافتتاح الإذاعة فيها، وقد تم ذلك في الأول من شهر رمضان من ذلك العام بتوجيه من معالي الشيخ (جميل الحجيلان) وزير الإعلام في ذلك الوقت أمد الله في حياته، وكان مدير عام الإذاعة في حينها الأستاذ (عباس فائق غزاوي) عليه رحمة الله والذي صار فيما بعد مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون. وقد تم اختيار الزميل الأستاذ (خميس سويدان) ليكون مراقباً عاماً للبرامج.

) ) )

استمرت علاقتي بالأستاذ (محمد صلاح الدين) مع مرور السنوات رغم لقاءاتنا القليلة، لكن الرسائل والهواتف بين الحين والحين لم تنقطع.. ولما كلفت بالعمل (مشرفاً عاماً على البرامج) بإذاعة الرياض في عام ألف وثلاث مائة وثمانية وثمانين، ثم (مشرفاً على إذاعة الرياض) ثم (مديراً لها) في السنوات التالية، كنت أسعد في كل مرة بتهنئة خاصة منه تنم عن محبة صادقة، ومودة حقيقية لا أنسى آثارهما على الإطلاق.

وحينما انتدبت للعمل في (جدة) مشرفاً عاماً على إذاعتها ومشرفاً عاماً كذلك على إذاعة (نداء الإسلام) من (مكة المكرمة) ولمدة ستة أشهر، كان ذلك في عهد الدكتور (محمد عبده يماني) وزير الإعلام في ذلك الوقت من عام ألف وثلاث مائة وخمسة وتسعين، هنأني أيضاً، وأتاح وجودي في (جدة) ووجوده يرحمه الله هناك، أتاح لنا أن نلتقي ونتشاور في تطوير (إذاعة جدة) و(إذاعة نداء الإسلام) ولاسيما في ميدان البرامج.. هذه القضية المهمة الخطيرة التي تم انتدابي من أجلها.. وقد استفدت من آرائه واقتراحاته وآراء ومقترحات الكثيرين من أصحاب الرأي والمشورة والعطاء، بل استفادت إذاعة جدة من ذلك الشيء الكثير، والتي ظهرت آثارها الإيجابية بسرعة كبيرة على البرامج ومن جميع النواحي.

السنوات الأخيرة من القرن الهجري الماضي وخاصة السنة الختامية منها كنت أعمل مديراً للإعلام الخارجي بالإضافة إلى عملي مستشاراً لوكيل الوزارة للشؤون الإعلامية -معالي وزير الثقافة والإعلام الحالي الدكتور عبدالعزيز خوجة- وبعدها استقلت من وزارة الإعلام، وتوجهت إلى (لندن) لأرأس تحرير مجلة (المسلمون) التي كانت تصدر عن (الشركة السعودية للأبحاث والتسويق).. وقد علم بذلك الأستاذ (محمد صلاح الدين) عليه رحمة الله، فسرّ بذلك غاية السرور وقال لي: إن مهمتك ستكون ليست سهلة.. لكنني أتمنى لك أن تنجح فيها نجاحك الباهر الذي حققته في ميدان الإذاعة والتلفزيون.

) ) )

وبعد صدور الأعداد الأولى من تلك المجلة التي أرجو الله أن يعيدها كما كانت وأحسن مما كانت مجلة أسبوعية بالألوان تعنى بقضايا الفكر الإسلامي وتعنى بالثقافة العربية وتهتم بشؤون المسلمين والمسلمات في كل مكان، وتركّز على الشؤون التي تخدم الإنسان.. أقول: بعد صدور الأعداد الأولى من تلك المجلة أقام لها ناشراها الأستاذ هشام علي حافظ يرحمه الله وشقيقه محمد حفلاً كبيراً في أحد فنادق (لندن) الشهيرة، وقد وجهت بطاقات الدعوة باسمهما وباسمي إلى المهتمين بشؤون الإعلام والصحافة والعاملين في المؤسسات الإسلامية، والملحقين الثقافيين وخاصة في سفارات الدول العربية والإسلامية.. وكان الأستاذ (محمد صلاح الدين) في طليعة الضيوف المدعوين.. وقد كانت كلماته الكريمة الطيبة التي قالها لي وللناشرين، في ذلك الحفل تدل على المحبة الصادقة والشعور بالفخر والاعتزاز بأن منّ الله على الشركة السعودية للأبحاث والتسويق بأن قامت بهذا العامل المجيد، فأصدرت مجلة (المسلمون) المجلة التي يتطلع إليها وينتظرها كل عربي وكل مسلم في كل بقاع الأرض.

) ) )

وشاء الله سبحانه وتعالى أن لا يطول عمر هذه المجلة.. فمع صدور العدد الرابع والأربعين، أوقفها ناشراها مع الأسف عن الصدور بدعوى أن الإعلانات التجارية قد خذلتها!!

.. وقد كان توقفها المفاجئ ذلك نكسة قوية لا أنسى آثارها الأليمة المفجعة حتى أوارى القرى!!

) ) )

ولا أنسى كذلك في ثنايا تلك الفاجعة، رسالة ودعوة تلقيتهما من إنسانين كريمين، كان لهما تأثيرهما الإيجابي، فخففنا بعض الآلام، وعالجت بعض الجراح، أما الرسالة فقد تلقيتها من العالم الأديب المؤرخ الموسوعي العربي الدكتور ناصر الدين الأسد.. أمد الله في حياته، ومتّعنا بجزيل عطاءاته.. وقد دوّن في مقدمتها قول الله سبحانه وتعالى {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. وكانت تلك الرسالة العتيدة تشع بالأمل، وتنضح بالتفاؤل، وتدعو إلى الصبر والمصابرة، وتحمّل الصعوبات والمشاق، وأن الفرج يعقب الشدة، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.. ولن يغلب عسر يسرين.. إلى آخر تلك الرسالة التي لا أنساها!!

وأما الدعوة التي تلقيتها فكانت من الأستاذ (محمد صلاح الدين) عليه رحمات الله، فكانت دعوة إلى المزرعة التي كان يطلق منها بعض أعماله.. وكانت تلك المزرعة في منطقة (هارو) على ما أذكر وهي ضاحية من ضواحي مدينة (لندن)..

استقبلني عليه رحمات الله بالترحيب والتكريم واحتفي بي، وسمع مني قصة توقف (المسلمين)، وأبدى استعداده لتقديم أية مساعدة يمكنه القيام بها لإعادة صدورها.. وقال: يجب أن تستمر هذه المجلة الأسبوعية الإسلامية الرائدة بكل معنى الكلمة، ذلك لأن المسلمين والمهتمين بالثقافة الإسلامية، والحريصين على معرفة الإسلام في عالمنا هذا هم في أمس الحاجة إليها.. وكانت عباراته وكلماته تفيض بمشاعر الصدق والثقة والإخلاص..

كان ذلك اليوم يوم جمعة.. وقد نودي لصلاة الجمعة في تلك المزرعة، وقد صليناها معاً، وصلاها معنا عدد من العاملين مع الأستاذ (محمد صلاح الدين) رحمه الله.. وكان خطيبنا هو الأستاذ الدكتور (محمد فتحي عثمان) عليه رحمة الله أحد المفكرين الإسلاميين الأعلام، والذي كان في ذلك الوقت يعمل مع الأستاذ (محمد صلاح الدين) رئيساً لتحرير مجلة إسلامية تصدر باللغة الإنجليزية.. وبعد الصلاة، دعانا الأستاذ (محمد صلاح الدين) إلى طعام الغداء.. وكان مناسبة لتبادل أطراف الحديث مرة ثانية، مع الداعي رحمه الله ومع الأستاذ الدكتور (محمد فتحي عثمان) الذي كان أستاذي حينما درست مرحلة الماجستير في (المعهد العالي للدعوة الإسلامية) في الرياض.. تبادلنا أطراف الحديث في مسألة توقف (المسلمون).. وأن هذا التوقف يشكل نكسة قوية في مجال الإعلام الإسلامي!!

) ) )

عدت إلى (الرياض) في عام ألف وأربع مائة وثلاث.. واتفقت بعد ذلك مع اثنين من أصدقائي على إقامة مدارس خاصة أسميناها (المدارس العربية الإسلامية).. وقد بدأناها بالمرحلة ما قبل الابتدائية، والمرحلة الابتدائية للبنات، وكان من أوائل الذين سجلوا صغارهم في هذه المدارس، صديقنا الدكتور (عبدالقادر طاش) عليه رحمة الله الذي سجل ابنته عندنا، والأستاذ الشيخ (زين العابدين الركابي) الذي سجل ولديه (محمداً) وأخته (أروى) رعاهما الله وحفظهما ووالديهما في المرحلة قبل الابتدائية.. وقد علمت في حينها أن الشيخ (زين العابدين) وهو أستاذي في مرحلة الماجستير متزوج من أخت الأستاذ (محمد صلاح الدين) عليه رحمة الله، فازددت محبة له، وشعرت بقرابة قريبة تجمعين به، إذ إنه صهر للأستاذ (محمد صلاح الدين) رحمه الله الذي تعرفت عليه وأحببته منذ الشهور الأولى لقدومي إلى المملكة!!

وقبل عدة سنوات أرادوا أحد من أقربائي المقربين أن يتزوج إحدى قريبات الأستاذ (محمد صلاح الدين) القريبات.. وعزم قريبي هذا على هذا الأمر، وفرحنا بهذه العزيمة وذلك التوجه الصادق.. ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن لا يكتمل ذلك المشروع، وأن لا تتم تلك الزيجة، وحزنّا لتلك النتيجة غير المتوقعة.. ولكن إرادة الله ومشيئته هي الأساس في كل شيء.. فأنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد.

) ) )

لقد غادرنا الأستاذ (محمد صلاح الدين) (أبو عمرو) إلى لقاء ربه وقد ترك وراءه الذكر الحسن، ونتائج كلامه الطيب الذي هداه الله إليه، فنشره على مدى عقود من الزمان في عالم الصحافة.. وترك وراءه كذلك تعاملاً طيباً وسلوكاً متميزاً مع كل من عرفه، واشتغل معه، في الإقامة والسفر، فكان لاسمه الكبير نصيب وافر في مجالات البر والتقوى وفضاءات الإصلاح والإحسان.

إن هذه النماذج من بني البشر حينما يموتون، لا يموتون بل يحيون في عالم الدنيا، كما يحييون في عالم الآخرة بإذن الله، بما قالوه من كلام طيب، وبما كتبوه من عبارات صادقة وأفكار نّيرة، وبما فعلوه من أعمال عظيمة يعتز بها صاحبها ويفخر بها الناس من بعده

) ) )

أبا عمرو..

أنت بإذن الله ورحمته، أنت من المقربين الذين صوّرهم لنا القرآن العظيم بقوله {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ . مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ . يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ . بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ . لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ . وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ . وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ . جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا . إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}.

أبا عمرو

طبت حياً.. وطبت ميتاً.. وبارك الله في أهلك. زوجتك الكريمة.. وأولادك الكرام (عمرو) و(أمل) وبقيتهم، وجعلهم الخلف الطاهر، والذرية المباركة الذين يحملون اللواء من بعدك، ويكملون المسيرة من خلفك، المسيرة التي تدعو إلى الخير، وتعمل على إحقاق الحق، وإشاعة الفضيلة في كل زمان ومكان.



z-alayoubi@hotmail.com * الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة