Culture Magazine Thursday  09/06/2011 G Issue 345
فضاءات
الخميس 8 ,رجب 1432   العدد  345
 
المرأة.. والهيمنة الناعمة
منال الشريف «أنموذجاً»
سالمة الموشي
-

الخطاب الإعلامي هو ممارسة ثقافية مؤثرة، تتناول التغيير والتطوير، والخطاب بما يحويه من معانٍ ورموز وضمنية هو اختيارات إيديولوجية من حيث التكوين والتأثير، وتعكس هذه الخطابات الموجهة أنماطاً اجتماعية متباينة؛ فكيفما وجهت أحدثت المتغير للمستهدفين من الخطاب.

إن إدراك التشكل الاجتماعي لأية مجتمع تفسيره يكمن في المضامين الخطابية الموجَّهة التي تحقق الهيمنة عبر الإقناع، وتشكيل الوعي داخل المجتمع هو ما يعرف بالهيمنة الناعمة التي دفعت مدارس التحليل النقدي للخطاب نحو الاهتمام بالخطاب الإعلامي؛ ولهذا يعكس الخطاب الإعلامي بمضامينه عملية الهيمنة وتزييف وعي الجمهور.

هنا نجد أن المرأة هي أهم جزء من هذا المجتمع المستهدف بالتشكيل الذهني، سواء بتشكيل صورتها في الخطاب الموجَّه أو تشكيل العقل الجمعي المتلقي فيما يتعلق بصورة المرأة في مجتمع ما. ولأن الهامش يتسع للكثير فقضايا المرأة تنزاح نحوه وتميع وتأخذ أبعاداً غير ما هي عليه، وتلك إشكالية الهامش والنموذج في تشكيل الوعي المجتمعي من خلال خطاب جعل المرأة نفسها تعيش خواء فكرياً وفراغاً روحياً وخلطاً عجيباً بين الغايات والوسائل ببث صورة نمطية محصورة في المرأة التقليدية والمرأة الجسد والمرأة السطحية بل هناك إشكال داخل الخطاب الإعلامي فيما يخص كرامة المرأة وحقها داخل المجتمع. وأغلب وسائل الإعلام تتبنى خطاباً يزج بها إلى الهامش بينما يصنع النموذج الذي يشكل تناقضاً مع الحياة الذهنية التي تتحرك ضمنها النساء..

إن الخطاب الذي يبث عبر وسائل الإعلام يصنع الصورة الذهنية عن النساء، هذه الصورة تتشكل وتنمو وتصبح جزءاً من التركيبة الذهنية للمجتمع أياً كانت مضامين هذه الخطابية سلباً أو إيجاباً؛ فهي قادرة على أن تحدث التأثير وتشكل الجمهور وتصنع تصوراته ومفاهيمه فيما يتعلق بالنساء. وسيلة الإعلام عبر خطابها تضع المرأة في الموضع الذي يناسب توجهها، وهو ما لا يمكن أن نراهن عليه إذا ما تتبعنا «صورة المرأة في الخطاب الإعلامي»، وهنا يحدث الفارق بين تعزيز الصورة الإيجابية أو السلبية في الخطاب الإعلامي والثقافي على حد سواء.

إن تغيير صورة المرأة في وسائـل الإعلام يتوقف على ترسيخ مبادئ الخطاب ومضامينه. وقد عمل الخطاب الإعلامي على إبراز صورة المرأة وتوجيهها وتضمين الخطاب صورة الذات السلبية التي تتمثل في افتقاد المرأة إلى هوية واضحة في مشهد إعلامي يفتقر إلى معطيات دقيقة وغير معبرة بالضرورة عن الصورة الحقيقية للمرأة على أرض الواقع، كذلك لا يمكن رؤية صورة المرأة كما تعرضها وسائل الإعلام بمعزل عن مضمون الخطاب، وهنا مكمن تزييف الوعي.

إن صورة المرأة ما زالت توجَّه من خلال خطاب مضمَّن ولم يجر عليها تغيير يُذكر في وسائل الإعلام؛ فهي في الخطاب الإعلامي صورة تحاكي الثقافة الشعبية عن المرأة بجعلها كائناً خارج الفعل والتأثير، وقضية منال الشريف تأتي هنا «أنموذجاً». وهنا يظهر مفهوم الخطاب في الثقافة بما يلعبه من دور بالغ الأهمية في إنتاج وترويج الثقافة الجماهيرية وعلاقة ذلك بأسلوب الحياة والوعي في المجتمع وتصاعد إشكالية الدور التنويري والإبداعي والثقافي في المضمون والدلالة في الخطاب الإعلامي، الذي يعيش حراكاً ثقافياً واجتماعياً، والذي يجعل من دور الثقافة والدور الذي ينتهجه المثقف موضع تساؤلات وتحديات في تشكيل بنية الحياة الفكرية والواقعية للمرأة.

-

+ الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة