الثقافية - الجزيرة

يرصد العمل الأدبي الجديد (تجربة فتى متطرف «سيرة روائية») للدكتور محمد العوين.. فترة بداية التحولات الفكرية في مجتمعنا السعودي الحديث؛ وهي تلك الفترة الممتدة مابين عام 1390هـ و1400هـ حيث اشتغلت تيارات فكرية مؤدلجة لتغرس في التربة السعودية الفكرية والاجتماعية ثم الثقافية بعد ذلك اتجاهات سياسية جديدة تتكئ على الأبعاد الدينية المؤدلجة.

ويصف الكاتب من خلال تتبع سيرة بطله المندغم بعمق في إحدى هذه الجماعات كيف تتطور به الحال إلى أن رهن نفسه لمبادئه التغييرية التي يؤمن بها ويخلص لها أشد الإخلاص. ولا ينسى الكاتب وهو يسبر مشاعر بطله النفسية في تحولاته كافة أن يوثق بتصوير أدبي وفني دقيق معالم وملامح المجتمع في بدايات الطفرة الاقتصادية الأولى؛ بحيث نستطيع أن نتعرف من خلال هذه السيرة على كثير من صورة مدينة الرياض القديمة، بشوارعها وأزقتها وحواريها، ومساجدها ومعاهدها وجامعاتها المحدودة آنذاك، والأوضاع الاقتصادية والأسياسة، وحركات التأثير الدينية الناشطة؛ كالتبليغ، والسلفية المحتسبة التي اقتحمت الحرم الشريف عام 1400هـ.

ويناقش هذا العمل السيري الروائي المسائل والقضايا التي تعنى بها حركة ماسمي ب «الصحوة» لاحقا؛ مثل: أسلمة الأدب، وجاهلية المجتمع، والإسلام هو الحل، ومصطلح الأمة، ونحن والغرب، وما إلى ذلك. ويرصد بعد تصعيد عميق لاندفاع البطل في هذا الطريق المؤدلج الذي أبعد به عن مجتمعه وأصبح على نقيض معه كيف تم انقلابه على نفسه وعلى ذلك الفكر الذي تم استقطابه إليه.

عمل يجمع بين خصائص السيرة كوقائع والقيم الفنية للرواية مثل الخيال والمنلوج والفلاش باك أو التداعي الذي أمعن في استخدامه الكاتب في كثير من المواضع المتأزمة، وكذلك الحبكة الدرامية، والوصف الدقيق الواقعي والتخيلي.

يقع الكتاب في ثلاثمائة وأربع صفحات من القطع المتوسط، ويتوقع أن يشكل إضافة تأريخية وفنية وفكرية ترصد تحولات ونتاج التأسيس الفكري للجماعات الديبنية المؤدلجة التي اختطفت عقول كثيرين من شبابنا طوال جيلين أو ثلاثة وأصبحوا ضحايا لتلك الفترة التأسيسية.