Culture Magazine Thursday  17/02/2011 G Issue 332
فضاءات
الخميس 14 ,ربيع الاول 1432   العدد  332
 
عن لماذا
لماذا مصر؟
لمياء السويلم

لماذا مصر، السؤال عنا لا عنها، هل يكفي شعور حبنا لأم الدنيا لتفسير ما نعيشه هذه الأيام مع الحالة المصرية، أم يكفي شعور الانتماء العربي أو الإسلامي لنفهم أسباب الشحن النفسي الذي نحسه ونتكلمه، هل في إيماننا بمعنى الحرية أو العدل أو المساواة والديموقراطية وغيرها من المفاهيم ما يشرح غضبنا أو حزننا أو حماستنا، لماذا نراها ثورة تحمل مكاسب الكرامة ويهون باسمها العظيم الدم والإنسان والخسائر في الأرواح والحياة، ألأننا ثوريون تماماً، فماذا يعني أن أكون أو تكون ثورياً، في أي القواميس يجد الثوري معناه، هل في السياسة أم في الاقتصاد أم في الدين، أم في الكل وعلى الكل، وأين من هذا الكل الثورة على النفس وعلى الذات، أين الثورة على الثورة التي لا تعرف على ماذا تسعى، أين الثورة على التجييش العاطفي الذي يدفع ثمنه أهل مصر لا نحن، أين الثورة على عجزنا عن إدراك أن ضياع الهدف وعدم القدرة على التفكير بحلول لمشاكلنا الشخصية هو ما يدفعنا للحماسة لغضب الشباب المصري، كيف ندرك أن المصريين الذين اختاروا السكوت عن النظام ثلاثين عاماً، واختاروا اليوم ليثوروا عليه، غاضبون وحزينون من حمل هذه السنين ومن همومها التي أغرقتهم، أما نحن الغاضبين مثلهم وبنفس حنقهم فلماذا نغضب وعلى ماذا، هل كنا حقاً خلال ثلاثين عاماً حانقين على النظام في مصر وننتظر متى يثور الشعب عليه، أم أنه أصبح فقط اليوم واللحظة يعنينا بمجرد أننا وجدنا أنفسنا غاضبين لغضبهم.

أن نهتم لشأن المصريين هو شعور بالتعاطف مفهوم وحالة مدنية خلقها الوعي الإنساني، أما أن نعيش ذات المستوى من الغضب والشتم والعداء اللفظي والإحساس بالقهر والضيم كما لو نحن من عاش تحت النظام المصري، فهو شأن آخر يستحق أن نطرح عشرات الأسئلة عنه، إنه نوع من توهم حالة ليست حالنا، وهو شكل من الهستيريا الجماعية التي تأخذنا أكثر من كوننا نريدها أو نؤمن بها، فلو سألنا أحدنا عن اسم وزير داخلية مصر قبل الأحداث لما عرف، ولو استفهمنا من يكون أحمد عز لغلبت الإجابة بصفته ممثلاً شاباً، وليس في أننا لا نعرف أسماء ومعلومات عن الحكومة المصرية، ما يعني أننا لا نملك الحق في التفاعل، لكنه يعني حتماً أننا لا نتفاعل في غضبنا على الفساد وما أفرزه من بطالة أو قهر أو تدهور الحال كما يغضب المصريون، بل نغضب في الحقيقة لما لا نعرفه، لما نحسه ولا نعلم أسبابه، لحماسة هي إفراز حالة ملل وشيء من ضياع الهدف والقيمة الذاتية لأنفسنا وفقد لمعنى نعيش لأجله، نغضب لمصر لأننا غاضبون لأسبابنا نحن، لا لأسبابها هي، وما يعانيه المصري لا نعانيه نحن نوعاً وكماً وكيفاً، لكننا نعاني ما نعرف تماماً أنه يدفعنا للغضب، فماذا نعاني، ولماذا لا نغضب مما نعانيه نحن لا مما يعانيه سوانا، لماذا لا ندرك أننا والشعب المصري نتشارك في الحب والعربية والأعياد لكننا لا نتشارك في المعاناة، فهم لا يعانون قبليتنا ونحن لا نعاني حالة الطوارئ في الحكم العسكري، هم لا يعرفون وزير خارجيتنا ونحن لا نعرف وزير داخليتهم، يشكون من محصول القطن الذي لا يسد جوعهم ونشكو من أسعار البترول التي لا نحسن استثمارها، هم يعرفون متى وكيف يغيّر المفتي الأزهري فتواه في الحرب والسلام، ونحن ما زلنا ننتظر أن يكون لنا مؤسسة كالأزهر تشكِّل مرجعاً دينياً واضح الملامح، لماذا مصر إذن، السؤالات عنا نحن لا عن أم الدنيا، والاستفهام عن الجمهور السعودي لا عن الشعب المصري.

Lamia.swm@gmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة