Culture Magazine Thursday  17/02/2011 G Issue 332
حوار
الخميس 14 ,ربيع الاول 1432   العدد  332
 
قال: في حياتي العادية أنا رقيب على نفسي.. وفي لحظة الكتابة ليست هناك رقابة
الكاتب السوري وليد إخلاصي: الرقابة أقل ذكاءً مني.. لأني ألجأ إلى أعلى درجات الرمز

القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد عزمي

يجمع الأديب السوري «وليد إخلاصي» بين حزمة من الأنشطة الإبداعية، فهو يكتب الرواية والقصة القصيرة والمسرح والدراسات النقدية، وفي هذا الإطار أصدر أكثر من خمسين مؤلفاً مطبوعاً، وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة سلطان العويس الإماراتية في العام 1997، كما حاز وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في العام 2005.. تخرج إخلاصي في جامعة الإسكندرية بمصر.

وحصل منها على بكالوريوس العلوم الزراعية ودبلوم الدراسات العليا، وهو معنا في هذا الحوار، فإلى مزيد من التفاصيل.

تكتب القصة القصيرة والرواية والمسرحية.. لماذا هذا التنوع؟

- لا أتقن شيئاً من أعمال التجارة، أو أي عمل يحقق ربحية بشكل عام، لا أجيد عملاً سوى الكتابة في هذه الأجناس الأدبية، وأعتبر أن كل ما كتبته حتى تلك اللحظة ليس إلا «بروفة»، وأتمنى في السنوات المقبلة أن أكتب شيئاً أفضل.

ومن ناحية أخرى فإن التنوع في الكتابة مرده إلى أن القصة أو الرواية أو المسرحية هي التي تختارني، أنا لا أختارها، هي التي تملي عليّ أن أكتب، ثم اكتشف في نهاية المطاف أن ما كتبته رواية أو مسرحية مثلاً.

وأنا في معظم ما كتبته: إما رأيته في الحلم أو في أحلام اليقظة، ففي اللحظات العادية أبدو كأني رجل آخر، أجد نفسي مجرد إنسان عادي لا يستطيع أن يفعل شيئاً في اللحظات العادية.

هل الحلم يلغي التخطيط المسبق لكتابة العمل الأدبي؟

- بالرغم من أن دراستي علمية في الأساس، لم أخطط لأي شيء في حياتي، وأظن أن التخطيط لا يصلح معه كتابة رواية أو قصيدة أو مسرحية، التخطيط قد يسبق كتابة الدراسة النقدية أو المقال، ولذلك لم أكن في يوم ما كاتباً محترفاً، أنا كاتب هاو، وإذا احترفت عملاً ما سأصبح كرجل السياسة، بالرغم من أن كتبي تجاوزت الخمسين كتاباً، وعندما أصل إلى لحظة الاحتراف، أعتقد أنها ستكون لحظة النهاية أو الموت، كما أنني أرفض الأحاديث التلفزيونية، بالرغم من المبالغ الخيالية التي تعرض عليّ.

هل تعتقد أن الكاتب أكبر من أي حزب سياسي؟

- كل الأحزاب على صواب، وأنظر إليها باحترام، لكني غريب عنها.

هل تخشى أن تضعك الأحزاب في إطار معين؟

- أنا مندهش من السياسيين ذوي الأفواه الكبيرة ولا أستطيع أن أرقى إلى مستواهم، لقد اكتشفت قضية على درجة كبيرة من الأهمية، وهي أن القمح أعظم نبات عند الإنسان، وعندما يطحن ويتحول إلى دقيق، لا يكتمل إلا بالخميرة، وهي أصغر الكائنات في الطبيعة، وقد أطمح في أن أكون خميرة ولا أستطيع أن أكون قمحاً.

كيف تنظر إلى الرواية التاريخية؟

- أنا مؤمن بالأسطورة، لكني لا أعود إلى تاريخ الأسطورة، وأتمنى أن أكون كاتباً للأسطورة الحديثة، وسأعترف لك بشيء، كتاب الرواية التاريخية مهمون، لكنني عاجز عن كتابتها.

لماذا؟

- لأن الأسطورة هي أساس الأدب الإنساني كله، ولا أطمح إلى أن أكتب في أسطورة الواقع المعيش، أريد أن أضيف إلى الأساطير القديمة الأسطورة الحديثة، فالأساطير كلها أساس الأدب في العالم، ولكن يجب أن نصنع أسطورتنا الحديثة، فالأساطير ليست قديمة لكنها مستمرة في السياسة الأدب، ولا ينبغي أن نتحول إلى أصوليين في تكرار الأساطير القديمة، وهذا ما أطمح إليه، وربما أعجز عن الوصول إلى ذلك.

هل يعاني المبدع فصاما في الشخصية بمعنى أنه عندما ينتهى من كتابة عمل ما يصبح شخصاً آخر هل عانيت من مثل هذه الحالة؟

- هذا نوع من التصنيف الفيزيائي، أنا في الكتابة غيري في الحياة اليومية، وممكن أن أكون إنساناً منفصم الشخصية، ورغم أن هذه الحالة مرضية، فأنا أعتبرها أعلى درجات الصحة، ولذلك مثلاً عندما يطلق عليّ مديح، أتلفت حولي، وأتساءل: يمتدحون من؟.. فأنا أبحث عن نفسي، وقد لا أجدها في الحياة اليومية، وفي لحظات الكتابة لا أعي نفسي، ولا أعرف من أنا، وهذا سبب من أسباب عدم مراجعة أي كتاب مطبوع لي لأنني أخشى اكتشاف أنه سيئ، ومن ناحية أخرى أصاب بالدهشة متسائلاً: هل أنا فعلت هذا؟

كيف تتعامل مع الرقابة سواء كانت داخلية أو خارجية؟

- في حياتي العادية أنا رقيب على نفسي، وفي لحظة الكتابة ليس هناك رقابة، لكني أراجع العمل بعد الانتهاء من كتابته أكثر من مرة، وفي المرة الثانية يطل عليّ رقيبي، وأتحاشى أن أسيء إلى أحد، وبالرغم من أنني ناقم على كل شيء، إلا أنني لم أتعرض ذات يوم للرقابة الحكومية، وإن كانت الرقابة أقل ذكاء مني، لأني ألجأ إلى أعلى درجات الرمز ومع أنني مهذب ومطاوع للحياة العامة، لكنني أحمل لها أعلى درجات النقمة، بأسلوب غير مباشر، وأتخذ شخصياتي كقناع.

علاقتك بمدينة حلب مسقط رأسك تبدو في كتاباتك شديدة الالتباس كيف تفسر هذا؟

- هناك حقيقة مهمة في تكويني العقلي والعلمي، تحصر هذا الموضوع في خط بياني، العمودي فيه هو الزمان والأفقي هو المكان، وبينهما تجري الأحداث، وقد كتب عليّ أن أكون وفياً للمكان في حلب بالرغم من الخلفية التاريخية السيئة لها، وحلب ليست هي حلب المعروفة، لكنها حلبي أنا التي شكلتها بطريقتي المختلفة، وهي ليست أفضل المدن، فقد سافرت إلى معظم بلاد العالم، وتعرفت إلى مدن كثيرة، وعندما أخرج من مدينتي أكتشف جمالها وأهميتها، فأعود إلى أحضانها، وفي كل الحالات حلب تستحق الحب.

وماذا أفادك هذا السفر إلى مدن العالم؟

- إلى جانب دراستي العلمية التي فتحت عيوني على آفاق واسعة، اكتشفت أن العالم مليء بالتناقضات، الصالحة للكتابة، لقد سافرت إلى أمريكا واليابان وأوروبا، ويجب أن تكتشف أسرار هذه المدن وحدك.

ما حجم الإضافة الذي تشعر بأنك قدمته للخريطة الإبداعية في سوريا؟

- لم أقدم شيئاً، قد أكون حالة استمرارية للآخر في سوريا، حيث تأثرت بكتابات تشيكوف وأبي حيان التوحيدي وشكسبير، وأنا لست ابناً للثقافة المحلية، قد أحس أنني بالقرب من جان جاك روسو أكثر من أبي العلاء المعري، وبعد قليل أشعر بأن الإمام الشافعي أكثر قرباً لي من شكسبير، فأنا حالة متقلبة، وهذا التقلب هو مصدر من مصادر معرفتي، وقدرتي على الاستمرار، وأنا لست أحادي النظرة، ولم أكن ذات يوم تابعاً لمدرسة فكرية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة