Culture Magazine Thursday  17/11/2011 G Issue 352
فضاءات
الخميس 21 ,ذو الحجة 1432   العدد  352
 
طلعت سقيرق (1953 – 2011)
فيصل علي أكرم

لم أكن قد سمعتُ باسم الشاعر والقاص الأديب طلعت سقيرق قبل أن يحدثني عنه الصديق العزيز الدكتور حسين المناصرة، حين كنا نجتمع كثيراً ونتزامل هنا على صفحات (الجزيرة) في مرحلة التسعينيات الميلادية، فقد كان حسين المناصرة يحضّر لرسالة الدكتوراه -في القصة على ما أذكر- وكان كثيراً ما يبوح بآرائه وانطباعاته حول نتاجات المبدعين في الوطن العربي، ويعرب عن إعجابه بصديقه الفلسطينيّ طلعت سقيرق كشاعر وقاص وأديب متمكن لم يأخذ ما يستحقه من الانتشار عربياً، ولستُ أدري الآن إن كان الصديق المناصرة هو من نقل اسمي إليه أيضاً؛ فقد فوجئتُ في صندوق بريدي بنسخة إهداء من ديوان طلعت سقيرق (طائر الليلك المستحيل) فور صدوره عن دار الفرقد بدمشق عام 1998م..

طالعتُ الديوان بعناية واهتمام، واحترمتُ اسم طلعت سقيرق وتجربته الإبداعية الغنية، ولكني لم أكتب عنه شيئاً (فأنا لم أكن ناقداً ولن أكون) فبقي اسم طلعت سقيرق مميزاً في ذاكرتي أقرأ له كل ما تقع عليه عيناي منشوراً في صحيفة أو مجلة بمحبة وإعجاب، حتى قرأتُ في الأسبوع الماضي عدداً من مقالات النعي والرثاء إثر وفاته رحمة الله عليه..

يقول الكاتب الفلسطيني شاكر فريد حسن، في صوت العروبة: (طلعت سقيرق كان كبيراً بحجم البرتقالة الفلسطينية، ومساحة الوطن وتضاريسه، ومسافة الحلم الفلسطيني، وبما أعطى وقدّم في جدية وشمولية وريادية وعمق أدبي وفعل ثقافي. و... قد رحل في وقت مبكر دون أن يستكمل مشروعه الثقافي..) ويقول الدكتور رؤوف مصطفى، في ويكيبيديا: (تعتبر تجربة الشاعر طلعت سقيرق في القصيدة المطولة التي صدرت له في العام 1999 بعنوان " القصيدة الصوفية" واحدة من التجارب الرائدة بل المدهشة في القرن العشرين، حيث كانت وما زالت أول قصيدة عربية تنتهج السطر الواحد، وتأخذ موضوعاً واحداً، وتفعيلة واحدة، وتجعل القارئ في حالة غريبة من حالات الوجد التي قلّ نظيرها.. والغريب أنّ هذه التجربة الرائدة والوحيدة في أدبنا العربي لم تأخذ حظها الحقيقي والواقعي من الشهرة والانتشار..) الكاتب والأديب طلعت سقيرق توفي صباح الأحد 16-10-2011 عن عمر يناهز الثامنة والخمسين، وقد عزّى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أسرة الراحل في دمشق، ببرقية قال فيها: (نشارككم الألم والعزاء برحيل طلعت سقيرق إلى رحمة الله تعالى ورضوانه، بعد حياة حافلة بالعمل المتواصل والعطاء الموصول في إثراء الثقافة الفلسطينية والمكتبة العربية، بأعماله المتميزة وإنتاجه الأدبي الثري في مجال القصة والشعر والكتابة..) أمّا بعد، فطلعت سقيرق الفلسطينيّ المولود في لبنان والمقيم في دمشق طيلة حياته، أصدر ديوانه الأول (لحن على أوتار الهوى) عام 1974 وديوانه الأخير (نقوش على جدران العمر) عام 2008 وبينهما ما يزيد على عشرين كتاباً تنوعت بين الشعر والقصة والمسرحية والنقد الأدبي.. ولا أجد ما أضيفه عنه الآن، بعد الترحّم عليه، سوى أن أشكر الصديق حسين المناصرة على لفت انتباهي إلى تجربة هذا المبدع منذ زمن كان فيه انتقال التجارب والدواوين من بلد إلى بلد في غاية الصعوبة والتعقيد.. وأتقدم بخالص العزاء لكل محبي طلعت سقيرق، داعياً إلى إعادة قراءة أعماله واكتشافها من جديد.. وأختم بمقطع من قصيدته (فصول من الجرح الذي لم يبتدئ) المنشورة ضمن ديوانه الأثير (طائر الليلك المستحيل):

الآنَ من صمتي

ومن صوتي أجيءْ

صادفتُ في الزمن المؤجل ما يكون

وبكيتُ من وجعٍ وقد طافت ظنون

الآن تختلط المراحلُ والمراكبُ والوجوه

الذكرياتُ الناسُ

يندفع الذي يأتي.. ويأتي

ثم تندفع المرايا

تلك شطآني.. اقتربتُ

فردّني وجهي إليّْ

وصرختُ.. لم أسمع صراخي

كم ثرتُ من ألمي عليّْ

كانت الأشياءُ في كفِّ الصحاري

ترتدي ثوبَ الزوابع

ثم تمضي

وارتحلتُ.. دخلتُ في باب انكفائي

وصرختُ: من سَحَبَ الهواءَ من الهواء؟

FFNFF69@HOTMAIL.COM * الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة