Culture Magazine Thursday  23/06/2011 G Issue 347
ترجمات
الخميس 21 ,رجب 1432   العدد  347
 
ظاهرة ثقافية عجيبة في الولايات المتحدة (2-2)
عندما يتحول مصطلح (البست سيلر) إلى لقب سيئ السمعة
ترجمة وتقديم: حمد العيسى
-

يقول هت لاندون، وهو المدير الت نفيذي لرابطة باعة الكتب المستقلة لشمال كاليفورنيا وأحد الأشخاص الذين ساعدوا في تطوير قائمة (بوك سينس) BookSense، إنهم طوروا قائمة (بوك سينس) وقائمة شمال كاليفورنيا الوليدة للتو، وهي أول قائمة إقليمية في أمريكا؛ لأننا “أردنا أن نثبت للناشرين الكبار في نيويورك أن الباعة الصغار والمستقلين يبيعون بنجاح عناوين منوعة و(مختلفة) كلياً عن عناوين قائمة البست سيلر لصحيفة (الـ نيويورك تايمز).

مصطلح زلق وسيئ السمعة، لكن الأمر المثير للسخرية هو أن زيادة عدد قوائم البست سيلر بدأ أيضاً يجعل لقب (بست سيلر) مصطلحاً زلقاً وغير محترم بل سيئ السمعة.

الآن هناك عشرات الكتب في كل أسبوع يمكن أن يطلق عليها (بست سيلر).

وفي الواقع، قائمة (يو إس إيه توداي) تدون في موقعها على الإنترنت كتبها الرائجة في قائمة بست سيلر طويلة تحتوي على 150 عنواناً، ونجد فيها - مثلاً - كتاباً سخيفاً عن بطلة قصة الأطفال المدعوة (جوني بي جونز) تحتل المركز رقم 150 في القائمة لتصبح مؤهلة لحمل لقب (ناشينال بست سيلر)”. وأضاف زان: المشكلة أحياناً: ماذا تفعل بالمعلومات المتوافرة؟ وماذا تعني في الواقع؟ وماذا تخبرنا بوضوح عن ثقافتنا؟ من الصعب تحليل هذه المعضلة وفهمها. في النهاية، الناس تشتري ما يباع لها، وفي نهاية المطاف يصبح ذلك اللقب الفوضوي دليلاً على شعبية وجودة مشكوك فيها لهذا الكتاب”.

ولكن يعتقد الناقد ديفيد كيبن من جريدة سان فرانسيسكو كرونيكل أن زيادة عدد قوائم البست سيلر تُعتبر حدثاً إيجابياً إلى حد ما، ويؤكد أن “تعدد القوائم أمر صحي”.

وأضاف “كلما كان هناك قوائم أكثر قلّت قوة أي قائمة معينة وتأثيرها؛ وبالتالي قَلّ تأثير (ذوق) واضعيها على الناس؛ فعلى سبيل المثال، قائمة البست سيلر لصحيفة النيويورك تايمز كانت تتمتع بقوة وسلطة هائلة ومؤثرة أكثر من اللازم على السوق، وقد تعكس توجهاتها الفكرية أكثر من حقيقة معنى البست سيلر”.

القراءة ليست عملية تنافسية مطلقاً، ولكن بالنسبة إلى بعض النقاد زيادة عدد القوائم وتضاربها يعتبران طريقة مضحكة للإبلاغ عن مبيعات الكتب ونمو صناعة الكتاب.

ويؤكد الناقد المتخصص بمراجعة الكتب دينيس لوي جونسون “مصطلح البست سيلر هو أمر ضار ووهمي وزائف؛ لأن القراءة لا يمكن اعتبارها عملية تنافسية مطلقاً”.

ويضيف: “تلك القوائم لا علاقة لها بتغطية الأدب والفكر والثقافة، بل يجب وضعها في الصفحات الاقتصادية أو المالية. دلالة قائمة البست سيلر لثقافتنا حالياً هو أن المزيد والمزيد من (فئات) الكتب تم استحداثها؛ (لتملأ) تصنيفات قوائم البست سيلر من دون فائدة ثقافية حقيقية أو معلومة يمكن الاعتماد عليها بثقة”.

ويرى نقاد آخرون أن قوائم البيست سيلر تقوم بتقديم كتب ذات طبيعة باذخة ومبهرجة ومثيرة، على حساب كتب رصينة أكثر فائدة وأهمية أدبية وفكرية؛ وبالتالي هذا قد يعني أن ضررها أكثر من فائدتها.

أداة تجارية وليس وسيلة للتعبير عن الجودة. يؤكد ناقد الكتب في جريدة واشنطن بوست جوناثان ياردلي “لست عدواً بالغريزة للرواج والانتشار، لكن ذلك يشجع القراء والمشترين على شراء كتب جديدة ليست ذات أهمية حقيقية اعتماداً على (الكم) المتداول في القوائم وليس (الكيف) المجرب بالقراءة، إنها تشجع على (غريزة القطيع). ويجب أن نعلم أن ما يطفو ويرتفع عالياً ليس بالضرورة الأفضل”.

ويؤكد ناقد الكتب ديفيد كيبن من جريدة سان فرانسيسكو كرونيكل: “عند نقطة ما، تعمل قائمة البيست سيلر كـ (أداة تجارية)، وليس (وسيلة) تعبير عن الجودة في عالم النشر”.

ويضيف كيبنك “ومن أخطر السلبيات التي قد تحدث عندها أن تقوم قائمة البست سيلر كأداة بتعزيز نفسها آلياً وتعيد تقوية نفسها أسبوعياً (Self-Reinforcing) على حساب كتب أخرى مهمة خارج القائمة. وبذلك تتحول إلى مجرد (ماكينة) حقيقية لمجرد زيادة البيع ليس على أساس الجودة المفترضة، وتبدأ بفرض توجهاتها، أي توجهات وذوق القائمين عليها أكثر من اهتمامها برصد مبيعات الكتب الممتازة”.

وحتى بزوغ (بوك سكان) لن ينتج منه بالضرورة قائمة بست سيلر أكثر دقة وشمولية.

وإذا تمكنت الشركة من الحصول على معلومات من 90 في المئة من منافذ بيع الكتب فهي تبقى 90 في المئة فقط من المنافذ وليست كاملة 100 في المئة.

ثم إن هناك إشكالية استعمال المعلومات الكثيرة وتصنيف ثم ترتيب البيانات في قوائم، وهذا أمر، مرة أخرى، سيؤثر في ترتيب القائمة ورواج الكتب وترتيبها وتصنيفها إلى فئات في القائمة.

مايكل كوردا، وهو كبير محرري الناشر الكبير (سيمون آند شوستر) وواحد من أندر وأكفأ وأهم محرري الكتب في أمريكا، الذي أشرف على تحرير كتب مؤلفين عدة وصلت لقائمة البست سيلر في نيويورك تايمز، بوصفه محرراً ولاحقاً مؤلفاً، وألَّف هو بنفسه كتاباً عن البست سيلرز (الوصول للقائمة: التاريخ الثقافي للبيست سيلر في أمريكا: 1900-1999).

يقول كوردا: “لا أعتقد أن قائمة بست سيلر دقيقة من (بوك سكان) سيكون لها تأثير كبير في عالم النشر. أعتقد أن قائمة نيويورك تايمز دقيقة، وكذلك قائمة ببليشيرز ويكلي”.

احتمال تقليل فرص النشر أمام المؤلفين الجدد، ولكن كثيرين يشيرون إلى تأثير قائمة (ساوند سكان) Soundscan القوي على توجهات صناعة الموسيقى، ويشعرون بالقلق من أن تؤدي المعلومات الجديدة إلى مسار غير صحي؛ فمثلاً، باتت هولت محررة الكتب السابقة في جريدة سان فرانسيسكو كرونيكل، التي تكتب عموداً نصف شهري على النت عن الكتب وعالم النشر بعنوان (هولت بدون رقابة)، تشعر بالقلق من أن قائمة (بوك سكان) ستؤثر سلبياً في كيفية اختيار الناشرين لأي فئة من الكتب للنشر؛ ما سيجعلهم يقومون فقط باختيارات آمنة بدون مخاطر لضمان حسن مبيعاتها؛ ما يقلل من فرص النشر أمام المؤلفين الجدد.

تقول هولت: “(بوك سكان) سيخبرنا بالكثير عندما يستعمل بطريقة صحيحة”. وأضافت بذكاء وخبرة رصينة: “لكننا لا نريد أن نكون محدودين بقائمة تسجل المبيعات فقط. الناشرون ومحرروهم هم الرعاة والأوصياء على الأدب، وعن طريقهم نعرف الكتابات الخلاقة والأفكار الجديدة. إذا كنت تنشر فقط بهدف عمل موضات/ صرعات Trends كتابية على الورق فإن الأمر عندها يصبح بمثل سوء هوليوود؛ لأن قوانين ورأي الأغلبية كما في قائمة البست سيلر - في الغالب - لا تصلح لصنع قرار ناجح في مجال الأدب”.

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة