Culture Magazine Thursday  29/12/2011 G Issue 358
فضاءات
الخميس 4 ,صفر 1433   العدد  358
 
تحولات امرأة نهرية
خشاش الرواية
ليلى إبراهيم الأحيدب

لم تعد الكتابة سلَّماً نصعد به نحو الحقيقة، بل نفقاً تسير فيه المتردية والنطيحة وما ترك السبع، نلتفت لمن يكتب فلا نرى أحداً!

ونقرأ ما يُكتب فلا نلمس إلا الخواء!

خشاش الرواية بنى للعث مكاناً في جسد الكتابة..

وخشاش ال ق ق ج استباح وردها..

لذلك فمزاج الكتابة يفسد عندما يحاصره الخشاش..

والخشاش في اللغة: هو حشرات الأرض وهوامها كالجراد والعقرب..

وقيل هو عذوق النخل اليابسة.. وله معانٍ أخرى، لكن ما شاع في الألسن أن الخشاش هو الرديء من كل شيء، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، لكنه يفسد مزاج الأشياء، ويصبغ المشهد بلون الغبار ورائحته!

تمعنوا في الآتي:

الداعية المشهور سيكتب رواية!

الشاب الذي سافر كثيراً لديه سوالف سيكتبها في رواية!

الفتاة التي مرت بتجارب عاطفية لديها كتابات ستحولها لرواية!

الصبية التي حلمت ببن عرس استيقظت ذات صباح وكتبت رواية!

إلى متى ونحن نركب مطية الرواية! ونطأ بحافر (السوالف) على جنس الرواية!

من يقرأ المطروح من الروايات المحلية يصدمه الكم الهائل من الروايات المشوهة والسطحية والبدائية في بنائها ولغتها وسردها، لأسماء لم تُعرف قط قبل كتابتها الرواية!

والمشكلة أن كل من لديه (شوية) سوالف، ينوي تسويقها كرواية، لا يسوقها ك(قصص قصيرة) مثلا! أو كقصيدة إخوانية! بل يقفز للفن الروائي؛ فهو أقصر الجدران للكتابة! وأيسرها للوصول!

لذلك لم تعد الرواية فناً إبداعياً مبجلاً، بل تحولت لسلعة رائجة في مزاد دور النشر التي تتلهف لطبع رواية، وتتردد كثيراً في نشر مجموعة قصصية أو شعرية!

وللأسف لدينا خلط بائس بين أن يكون لدي حكايات كثيرة مشوقة أريد أن أرويها، وأن يكون لدي القدرة على طرح رؤيتي لهذه الحكايات بطريقة إبداعية.

هذا ليس تقليلاً من شأن من يعتزم ذلك، لكن تبجيلاً لقدر العمل الإبداعي؛ فهناك ألف طريقة لنروي تجاربنا ونقول ما لدينا دون أن ندعي القدرة على كتابتها بشكل (رواية). كثير من البشر في الغرب ممن لديهم تجارب وقصص حياتية مشوقة يصدرونها ك(سيرة ذاتية) أو تجربة خاصة دون أن يلوون عنقها لتكون رواية، ودون أن يتحول هذا الشخص لكاتب يسبق اسمه لقب (الروائي)، وينضم للمشهد الإبداعي كأحد ممثليه!

أحترم من يكتب؛ لأن لديه ما يقوله دون أن يقولبه بقالب أو يحصره في إطار، ودون أن يتطفل على مشهد أو يندس فيه.

وهؤلاء كثير، نقرأ ما كتبوا في إطاره، ونجده جميلاً ومعبراً ووليد تجربة صاحبه.

فالكتابة قيمة بذاتها لا بالإطار التي وُضعت فيه؛ فختم العمل بكلمة رواية لن يعطيه قيمة أكبر، وانفتاحه كنص لن ينقص منه؛ ذلك لأن روح الكتابة هي الفيصل، لا نوعها؛ فليس الشعر أفضل من السرد ولا الرواية أفضل من القصة القصيرة، إنما هي مجازات إن صدقنا معها جاوزت بنا الطريق، وإن زيفناها.. سنضل ويضل بنا الطريق.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة