Culture Magazine Thursday  29/12/2011 G Issue 358
فضاءات
الخميس 4 ,صفر 1433   العدد  358
 
ذكرياتي.. معهم
عزيز ضياء
د. حمد الزيد

كغيره من الكتاب والأدباء الكبار، عرفته قبل أن التقي به بسنوات عن طريق الصحف أو الكتب وبعد أن سكنت في مدينة جدة عام 1401هـ تعرفت عليه في محاضرات النادي الأدبي و « ثلوثية « الطيب و «إثنينية» الخوجة، ولم تقم بيننا صداقة شخصية فقد كان ضياء رغم سعة ثقافته وشهرته، شخصية معتدة بنفسها وقليلا ما أراه يبتسم أو يتودد للآخرين!؟ مما يجعلك تفضل أن تقرأه لا أن تصادقه؟! وهذا في الواقع الشأن مع الكثير من المشاهير.. وبالذات من الكتّاب والشعراء.. لأن أثمن وأروع ما في الإنسان هو موهبته وعقله ، ولذا أنصح الشباب بأن لا يحرصوا على مقابلة الكتاب وأن يكتفوا بقراءتهم ، لأن الاتصال بهم قد يسقطهم من عيونهم بما يرون منهم، لأن الصورة الذهنية تختلف عن الواقع غالباً؟!

وعزيز ضياء كاتب عركته الحياة وقد تعرفت عليه وهو بين السبعين والثمانين من العمر، وقد امتصت الصحافة جزءاً كبيراً من وقته وطاقته وجهده.. ومعروف أن المقالة الصحفية تنتهي والبقاء هو للكتاب . ولم يكن عزيز ضياء شاعراً أو قاصاً وإنما كان كاتب مقالة ومترجماً، فقد ترجم لجورج أورويل قصته « العالم عام 1984م» وكانت قد ترجمت في مصر قبل ذلك بسنين ونشرت هناك، وقدم لها بمقدمة طويلة مسهبة ، كما ترجم مجموعة قصصية بعنوان النجم الفريد وهي كما في الغلاف من القصص العالمي ولم يذكر مع القصص أسماء كتّابها؟! وترجم كذلك الجزء الأول من قصص تاغور (الشاعر الهندي الشهير) أما أفضل كتاب كتبه – في رأيي – فهو « جسور إلى القمة» الذي كتبت عنه وعن الأستاذ ضياء في كتابي « كاتب وكتاب» وأثنيت عليه ، ولكن الأستاذ عزيز ضياء واسمه الصحيح (عزيز الدين ضياءالدين زاهد) يمتلك موهبة الكتابة الصحفية والترجمة الأدبية، دون أن يملك موهبة الإبداع الأدبي.

أذكر مرة وكنا في إحدى لقاءات النادي الأدبي بجدة وقد أقام النادي محاضرته في فندق، فقام الأستاذ: عزيز يعلق عليها فأطال وأملّ وكان - رحمه الله- يسهب في الخطابة والكتابة ! وحضر العشاء فلم يتوقف! فأوعزت بخبث إلى أحد أعضاء النادي أن يقول له وهو على المنصة بصوت مرتفع: لا يُبرد العشاء؟! فالتفت إليه منرفزا وقال : ما يبرد يا أخي .. هو احنا جايين نتعشى؟! واستمر في فذلكته ، واستطرادته الطويلة حتى برد العشاء؟!

إن عزيز ضياء بلاشك عملاق من عمالقة الثقافة والصحافة في البلاد السعودية في القرن العشرين.

رحم الله هذا الكاتب والمثقف فقد كان من بقية جيل الرواد من الرعيلين الأول والثاني في الصحافة والأدب والثقافة في بلادنا، وكان حر الإرادة والتفكير، وصلب العود والقناة، وله مواقف ورأي في الحياة والمجتمع .. وله خط تقدمي ونظرة واعية للتطور في البلاد.

سجل بعض ذكرياته ومسيرة حياته في كتاب لطيف صدر قبل موته في جزأين بعنوان : يومياتي مع الجوع والحرب والحب.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة