Culture Magazine Thursday  08/03/2012 G Issue 366
فضاءات
الخميس 15 ,ربيع الآخر 1433   العدد  366
 
ملاحظتان
سعد بن محارب المحارب

 

كنت قد بدأت منذ فترة مشروع كتاب يتناول كتابة المقالات في الصحافة السعودية، وحيث إن هذا المشروع هو أدنى للتوقف منه إلى الإتمام، فإني أنتقي فيما يلي من استنتاجاتي الشخصية التي كونتها عبر متابعة متراكمة للمقالات الصحفية ملاحظتان.

أولاهما أن المقالة في الصحافة السعودية هي أكثر فنونها تحرراً؛ أي أن هذه المقالات تضم تشكيلة شديدة التنوع. ستجد المقالات كثيرة الطول وعكسها، وما بينهما، وكذا المقالة - التعليق؛ التي تتناول حدثاً محدداً وقع قريبا -على الأرجح-، وستجد المقالة التي تهتم بمسألة علمية دقيقة، وبينهما ستجد المقالة النقدية التحليلية. وغالبا ستلاحظ أن كل هذا في نفس الصحيفة بما يعطي انطباعا أن الصحف لا تتبنى قواعد محددة لكتابة المقال فيها. هذه الملاحظة لها مبرران في نظري، ونتيجة. أما المبرر الأول فغياب العقل الإعلامي الذي أفضت في الحديث عنه في مقالتين سابقتين (المجلة الثقافية - الجزيرة، 9 و16 يونيو 2011م). وأما الثاني فتضخم دور العلاقات الشخصية في اختيار الكتّاب. والنتيجة لهذه الملاحظة أن السبيل لإنتاج قراءة تحليلية لمقالات الرأي في الصحافة السعودية هي تتبع الكتّاب؛ فالكاتب بحكم كونه واحداً تتوفر سمات يمكن استخلاصها من مجموع مقالاته. هذه النتيجة هي أهم أسباب ميلي إلى إيقاف هذا المشروع، إذ إنني وجدت أني سأكون مضطراً للتعليق على الأشخاص وليس على الاتجاهات أو الأفكار والقضايا؛ ودخول الأمر في مساحة الشخصنة من شأنه التشويش على العمل الذي يسعى صاحبه لأن يكون ذا فائدة.

الملاحظة الثانية الخلط بين نشر الرأي وإعلان الموقف؛ فبعض الكتّاب يضع مقالة ليعبّر عن موقفه، وباستثناء الحالات التي يكون فيها الكاتب شخصية اعتبارية -أو ممثلا لها-، فإن إعلان موقفه مسألة قليلة القيمة، وتزداد قيمته انخفاضاً مع تزايد مساحات تعبير الجمهور العام، ولابد من التنويه هنا أن الأجدى كان إفساح المجال لمقال المعلومات أو التحليل. هذه الملاحظة في تقديري تبرز صورة من صور الخلط بين دوري الناشط السياسي والمثقف. فبعضنا يقيّم المثقف من حيث مواقفه السياسية أكثر من إسهامه العلمي، ولهذا تصبح الجرأة أهم من المعرفة، وتغدو الشجاعة أجدى في جذب القارئ من التزود بالموضوعية والدراسة. وأنا لا أعارض أن تقدر للشجاع شجاعته؛ لكنني أدعو لأن يكون التقييم منصفاً. فيقال مثلا إن فلان شخص شجاع لكنه كاتب متواضع. إذ لا ينبغي أن تكون شجاعته سبباً في التغاضي عن رداءة الأسلوب وتواضع المحصول المعرفي.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة