Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
رؤية
وزارة أم رئاسة..رياضة أم شباب؟
فالح العجمي

 

لا تنفك المناقشات بشأن صلاحية كثير من المؤسسات العامة في أغلب البلدان العربية تجري على قدم وساق؛ هل يبقى بعضها كما هو، وتعاد هيكلته، ليكون أقرب إلى وظائفه المفترضة، أم يزال، ويدمج في غيره، أم يبقى، ويُغير اسمه… إلخ.

ومن تلك المؤسسات، أو أكثرها تعرضاً للمناقشة في هذا الخصوص، ما يتعلق بالإعلام، أو الثقافة، أو الرياضة، أو الشباب، أو المرأة، أو الأسرة. إذ إن أموراً مستقرة، مثل: الدفاع والخارجية والداخلية والتعليم وغيرها، لا تحتاج إلى نقاش، لأن اختصاصاتها واضحة في كل البلدان، وفي جميع الحقب الزمنية.

لكني هنا أركز على مؤسسة عامة واحدة هي: «الرئاسة العامة لرعاية الشباب» (في المملكة العربية السعودية). فهي أولاً «رئاسة»، وليست «وزارة»، وليست لدينا غيرها على مستوى البلد (عدا عن رئاسة الحرمين المعنية فقط بمسجدي مكة والمدينة، وبعض المؤسسات المقيدة بجهات أو أمور محددة) سوى مؤسستين هما: «الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، و»الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة». فلماذا هذه الخصوصية لهذه الأجهزة؟

ثانياً: وظيفتها «رعاية الشباب»، فكيف ترعى الشباب؟ تقول رسالتها: «هي الجهة الحكومية المسؤولة عن تنظيم الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية بالمملكة العربية السعودية، وتقوم مقام وزارة الشباب والرياضة في البلدان الأخرى». وقد بلغت ميزانيتها لهذا العام ملياراً وثلاثمائة وعشرين مليون ريال. وما دامت تقوم مقام وزارة الشباب والرياضة، فلماذا لا تسمى كذلك؟ لكن لا تستعجلوا! ليتها تخدم الشباب في أي شيء؛ فهي قد خصصت جهودها في خدمة الرياضة، التي لا توجد في عنوان المؤسسة، وبالذات في رياضة كرة القدم، التي لم تحقق فيها خلال ثمانية عشر عاماً أي إنجاز يُذكر. فما دامت هذه المؤسسة التي خصصت لخدمة اتحاد رياضي واحد (استقالوا منه أيضاً منذ أيام) لم تنجز شيئاً فيما حددت خدماتها فيه، وهو ليس من اختصاصها فيما يبدو من اسم المؤسسة، إلا من خلال اجتهاد مسؤوليها بجعلها موازية لوزارات الشباب والرياضة في بلدان أخرى؛ فلماذا لا تقصر نشاطها على خدمة الشباب، بدلاً من المصطلح الأبوي «الرعاية»؟

وكيف تتم تلك الخدمة؟ لا أريد أن أكون وكيلاً عن الشباب في إيضاح ما يريدون أن يخدموا من خلاله؛ لكن مجالات خدمتهم، التي يحتاجون فيها إلى الجهود والأموال، كثيرة جداً، ليس أقلها إيجاد أماكن تنفس وتعلم وتدريب في أحياء كثيرة من مدننا، التي تفتقر إلى المناطق الجاذبة للشباب.

ولا أظن الأندية التي سميت «الأندية الأدبية» في فترة من الزمن، كان الأدب خلالها يعني الرقي والتعلم وغير ذلك من المعاني، من اختصاص وزارة الإعلام. فقد اقتطعت هذه النشاطات من مجالات اشتغال هذه «الرئاسة العامة لرعاية الشباب»، وألحقت بوزارة الإعلام، لتسمى «وزارة الثقافة والإعلام». فلماذا لا تدمج المؤسستان، وتعاد هيكلتهما، مع التركيز على ما يفيد الشباب، والمواطن السعودي على وجه العموم في المؤسسة الوليدة، وبوحي من العصر الحديث، فتكون هناك إدارات تشجع على تبني المبادرات لدى الشباب، وتدفع بطموحهم إلى الأمام، وتوفر لهم فرص الاستفادة من تبرعات رجال الأعمال المخلصين، وتضيف إليها ذلك المليار وثلاثمائة مليون، بدلاً من مطاردة حلم البرازيل، الذي ينتهي في عشرة أيام، لنعود إلى التغني بحلم آخر بعد أربع سنوات؟

أما وظائف هذا الجهاز الاجتماعية - كما تقول الرسالة - فلا نجد لها أثراً، إلا على لوحات الأندية، التي تلتزم بكلام المشرع. تنظيم الدوري والمسابقات الرياضية لا يحتاج إلى رئاسة، إلا لتخطف حقوق الأندية المستحقة من الرعاية ودخل المباريات!

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة