Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
مداخلات لغوية
ترياق
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

تكرم الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عبدالله السرّاء بإهدائي نسخة من العدد الأول من مجلة (ترياق)، و»التِرْياقُ بكسر التاء: دواء السموم، فارسيٌّ معرّب»، هكذا جاء في معجم الصحاح للجوهري. ولعل من المجاز ما أورده أيضًا قال: «والعربُ تسمِّي الخمر تِرْياقًا وتِرْياقةً، لأنّها تذهب بِالهمّ. ومنه قول الأعشى:

سَقَتْني بصَهْباءَ تِرْياقَةٍ

متى ما تُلَيِّنْ عِظامي تَلِنْ»

ومن لطائف معاجم العربية بما اتصفت به من موسوعية أنها قد تنص على كون الشيء ترياقًا كما في قول صاحب القاموس المحيط عن (الكُرُنْبُ): «ودِرْهَمانِ مِنْ سَحيقِ عُروقِهِ المُجَفَّفَةِ في شَرابٍ تِرْياقٌ مُجَرَّبٌ من نَهْشَةِ الأَفْعَى». وقال عن (الضِّفْدَع): «ولَحْمُها مَطْبُوخًا بزَيتٍ ومِلْحٍ تِرْياقٌ للهَوامِّ».

وقد يكون اللفظ عربي الأرومة كما يفهم من نقل ابن منظور عن الأزهري صاحب تهذيب اللغة، قال: «التِّرْياقُ اسم على تِفْعالٌ، سُمّي بالرِّيق لما فيه من رِيق الحيَّات، ولا يقال تَرْياقٌ، ويقال دِرْياقٌ». وكذلك (طرياق)، واللفظ ورد في حديث مشهور روي في صحيح مسلم وغيره وهو «إِنَّ فِى عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءً، أَوْ إِنَّهَا تِرْيَاقٌ أَوَّلَ الْبُكْرَة»، واللفظ في الحديث أقرب إلى دلالته على الوقاية كما يدل على الشفاء. ومن الريق وعلاقته بالبكور ما نجد في لهجة الكويت من استعمالهم الفعل (ترَيّق) والاسم (الريوق) لتناول طعام الإفطار صباحًا؛ لأنه أول طعام يفكّ به الريق بعد النوم، وجاء في المعجم الوسيط «وترَيَّقَ الماءَ أو الطعامَ: شربه أو أكله على الريق». أما (تريأة) و(يتّريأ) في لهجة القاهرة، ودخلت إلينا في الجزيرة فقلنا (يتّريق) أي يتتريق، فكل أولئك مأخوذ من راق أي طاب وأَعجب؛ ذلك أن من يفعل ذلك يروّق نفسه ويبعث فيها الأنس، ويكون ذلك بمعابثة غيره والضحك عليه بما يرويه عنه من الهزل أو ما يتوجه به إليه.

وأما مجلة (ترياق) فعمل جادّ موجه إلى المجتمع لتثقيفه ثقافة دوائية؛ لذلك جاءت مصوغة بلغة تجافت عن المصطلحات وخاطبت الناس بما يفهمون، واستعانت بالرسوم والصور التوضيحية التي جاءت في حلة طباعية أنيقة تسرّ الناظرين.

تحدثت المجلة عن الأدوية العشبية ودعت للتعلم عنها ليأمن مستعملها؛ إذ فيها الخير والشر، وفيها العلاج والسموم، وتحدثت عن مدى سلامة استخدام مستحضرات البرد والسعال لدى الأطفال لتبين أن السلامة في حماية من هم دون السادسة من تلك الأدوية، ولفتت المجلة إلى أهمية الكلية في جسم الإنسان ودعت إلى المحافظة عليها. وتورد لنا المجلة عن الأمن والسلامة الدوائية أن الهيأة العامة للغذاء والدواء وجدت بعد مراجعة الدراسات أن مخاطر الدواء أكثر من منافعه. ونجد في المجلة أحاديث عن فيروس الكبد الوبائي وعن الحمل وأثر المضاد الحيوي فيه، وعن السرطان والمعرفة الوقائية منه، ونقص فيتامين (د)، وعن الإنفلونزاء وأنها ليست موسمية، كما نجد حديثًا عن التثقيف الصحي مستقبل أجيال، وجاءت كلمة صاحبة السمو الملكي الأميرة فلوة بنت فهد مسك الختام لهذه المجلة الرائعة، كان محورها مقارنة بين مقولة كتاب أجنبي (أن 20%من الوقاية خير من 80%) والحكمة العربية المشهورة (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، انطلقت منها لتعميق مفهوم الوقاية وبيان أهمية تلبية حاجة المريض لمعرفة ما يقيه من المرض قبل ما يشفيه منه، ورأت أن هذه المجلة ثمرة مباركة للإحساس بهذا التوجه، وهو الأمر الذي بدأ به الدكتور السراء حين افتتح المجلة بحديثه عن المجتمع أولوية. هذه مجلة تجمع إلى الفائدة الجمال والمتعة بلغة عربية واضحة.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة