Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
قراءات
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
ضد النساء: «نهاية الرجال»..
جمعيات «حقوق الرجل الغربي» لمواجهة صعود أسهم المرأة الغربية!
منتصر حمادة

 

.«ضد النساء: «نهاية الرجال» وقضايا جندرية أخرى، هو آخر أعمال حمد العيسى (باحث ومترجم سعودي مقيم في المغرب)، وصدر مطلع العام الجاري عن الدار العربية للعلوم ناشرون.

(الطبعة الأولى 2012، بيروت، 304 صفحة من الحجم المتوسط).

تزامن اطلاعنا على هذا العمل القيّم والمثير، مع بعض صدور قصاصة إخبارية تهم أحد أشهر علماء الفيزياء في العالم، البريطاني ستيفن هوكينغ دون سواه، ومؤلف كتاب «موجز لتاريخ الزمان»، الذي في معرض الرد على سؤال من مجلة «نيو ساينتست»، عن أكثر ما يشغل تفكيره، أقرّ أن النساء، هُن لغز كامل! الاقتحام النسائي من غباء الرجال تفرعت معالم الكتاب على ثلاثة فصول: جاءت عناوينها كالتالي: ماذا تريد النساء؟ نساء × نساء، وأخيراً، قضايا ساخنة، ونتحدث عن أهم الفصول، مُتضمناً عناوين مثيرة شكلاً ومضموناً طبعاً، من قبيل: معركة الجنسين: من الأذكى؟؛ زعامة عالم رجالي؛ المرأة أسوأ من يقود السيارة؛ ضد الرضاعة الطبيعية؛ الحرب على الأولاد؛ وأخيرا، الفصل الذي جاء في العنوان الفرعي للكتاب: نهاية الرجال.

جاءت مقدمة العمل بقلم غازي قهوجي، الكاتب والأكاديمي اللبناني، ونقطتف منها تقييمه النوعي لكتاب «يسرد وقائع «مشهدية» مثل موت ساحرة البحرية الشرّيرة الكابتن هولي غراف لا يشكِّل في جوهره موقفاً عدائيا عاماً ضد النساء، إلاّ أن ضعف حضور الرجل أو غيابه أو تغييبه أو بالأحرى غبائه قد أدّى إلى الاقتحام «النسائي» العاصف، وذلك - ربما - لإعادة بعض التوازن الهارب الذي من شأن فقدانه أن يُخلخل العديد من العلاقات الاجتماعية بين الجنسين».

الزحف «التنانيري» على مجالس إدارة في الفصل المخصص ل»اكتساح التنورة مجالس إدارة الشركات الغربية»، (من مقالة طريفة عن الزحف «التنانيري» النسائي على مجالس إدارة الشركات الغربية، بقلم البروفيسور أدريان وولدريج رئيس مكتب مجلة «الإيكونوميست» في واشنطن سابقا)، نقرأ مثلا أن العديد من الدراسات العلمية، أكدت على أن النسب العالية للنساء في مجالس الإدارة تتوافق مع أداء متفوق للشركات، لولا أن هناك القليل من الأدلة الأكاديمية المقبولة عن وجود علاقة سببية؛ فقد يكون الأمر أن الشركات المزدهرة يسمحون لأنفسهم بترف نقاش القضايا الاجتماعية مثل التنوع الجندري داخل مجلس الإدارة، في حين أن شركات الأداء الضعيف تستعد للعاصفة القادمة.

ومن هذه الدراسات التي تثبت أن النساء أصبحن - أو هكذا يبدو للمتتبع - مؤثرات وفاعلات بشكل خاص كأعضاء مجلس إدارة في الشركات التي تسير فيها الأمور في الاتجاه الخاطئ؛ نقرأ في ثنايا كشف بحث مشترك أجرى في عام 2008، لكل من رينيه آدمز ودانيال فيريرا من جامعة كوينزلاند وكلية لندن للاقتصاد، أن رؤساء الشركات الأمريكية التي تهبط قيمة أسهمها أكثر احتمالاً أن يفصلوا من مراكزهم إذا كان في مجلس إدارة الشركة عدد كبير نسبياً من العضوات النساء.

ولكن مع ذلك، في المتوسط، خلص البحث إلى أن الشركات يتدهور أداؤها كلما زادت نسبة النساء في مجلس الإدارة.

بيناظير بوتو الحداثية في الخارج والورعة في الداخل من المعلومات الهامة التي يحفل بها الكتاب، تلك الخاصة بالسياسية الباكستانية الشهيرة بيناظير بوتو، كما نقرأ في فصل يحمل عنوان: «في هجاء بيناظير بوتو»، وهو ترجمة لمقالة ناقدة وغير تبجيلية لأول وآخر رئيسة وزراء باكستانية، بقلم الكاتب الهندي - البريطاني شوكت رزفي ونشرت في مجلة «بروسبكت» البريطانية في يناير/كانون الثاني 2008.

فبخلاف المتوقع من فتاة مسلمة أصبحت تتصرف وتلبس كطالبة غربية تماماً وتقود سيارة موستانغ رياضية صفراء، ثم أصبحت رئيسة لاتحاد الطلاب الأجانب في أكسفورد، وخلال وجودها في المملكة المتحدة اشتهرت بوتو الشابة بعمل الحفلات الراقصة الباذخة مع شرب الخمر، كما نشرت الصحافة صورها وهي ترقص مع رجال مرتدية تنورة تكشف عن فخذيها، وعلقت صحيفة الديلي ميل على تصرفاتها قائلة: «بيناظير بوتو تنغمس بشهوانية في الحفلات الباذخة لتنسى لعنة قتل والدها وتراث وطنها».

ولذلك، يمكن القول إنها خارج باكستان عاشت نمط حياة مترفة وكانت علمانية تماماً بما لا يتناسب مع كونها مسلمة وابنة رئيس وزراء دولة إسلامية كبرى ومحافظة.

ولكنها، بطبيعة الحال، أعادت اختراع نفسها سياسياً «كمسلمة ورعة» عندما سعت إلى دخول حلبة السياسة في بلدها.

ويُلخص محلل سياسي ينتمي لحزبها سماتها وصفاتها؛ وهي سمات وصفات تعد مدخلاً مهماً لتناول شخصيتها المثيرة للجدل؛ على النحو الآتي: الغرور والغطرسة والنرجسية والنفاق وعدم الإعتراف بالأخطاء مطلقا مهما كانت الظروف، والطريف في مسار الراحلة، التي كانت تعتبر نفسها «راعية للقانون والديمقراطية»، كونها في الواقع، كانت بعيدة كل البعد عن الالتزام بالقانون والديمقراطية داخل حزبها وحياتها السياسية، ولم تكن ترضى بحال من الأحوال بإجراء انتخابات داخل الحزب، بل قد عينت نفسها رئيسة للحزب مدى الحياة، وكان هذا سبباً في أزمة القيادة في حزب الشعب الباكستاني، ولذلك لقبت ب»الدكتاتورة المدنية».

الاقتصاد العالمي يكرس صعود المرأة «نهاية الرجال»، هو عنوان آخر فصول هذا الكتاب الشيّق، ونتحدث عن الفصل الأكثر إثارة للأسئلة المُحيرة والجدلية في آن، ولو أن الأمر، كما سلف الذكر، يهم قضايا غربية بالأساس، على اعتبار أن الأوضاع في المجالات التداولية الإسلامية والعربية لا زالت مختلفة ومغايرة، سوءا تعلق الأمر في فضائنا المغاربي (كما تبين مثلا مع الخبر الخاص بوجود امرأة واحدة في آخر حكومة مغربية)، أو في فضاء دول الخليج العربي، كما نطلع على ذلك بالشهادات والأمثلة في القسم الأول من الكتاب، والمُخصص لحالة المرأة السعودية، وتحديدا مع ثنايا الفصل الأول الذي جاء تحت عنوان: «المرأة السلفية السعودية تتحدث: مع النقاب وضد قيادة السيارة والتغريب»؛ يمكن تلخيص فصل «نهاية الرجال» بالصيغة الواردة في تمهيده: كان الرجل هو الجنس المهيمن منذ منذ فجر البشرية، ولكن للمرة الأولى في تاريخ البشرية، بدأت هذه الهيمنة تتغير، وبسرعة خارقة.

التغيرات الثقافية والاقتصادية دائماً تعزز بعضها البعض.

والاقتصاد العالمي آخذ في التطور والازدهار بطريقة تزيد تآكل هذا التفضيل التاريخي للأطفال الذكور في جميع أنحاء العالم.

وإلى حد ما - تضيف الصحافية الأمريكية من أصل إسرائيلي حنا روسين كما جاء في مقالها الصادر في مجلة «ذا أتلانتك»، عدد يوليو/تموز 2010 - فإن الأسباب الكامنة وراء هذا التحول الثوري واضحة؛ فعندما حلَّ التفكير ووسائل الاتصال مكان القوة البدنية والطاقة العضلية الشخصية كمفاتيح للنجاح الاقتصادي، فإن تلك المجتمعات التي تستفيد من مواهب جميع مواطنيها البالغين وليس نصفهم فحسب، تقدمت كثيراً عن البقية.

وبسبب كون الجغرافيا السياسية، والثقافة العالمية هما، في نهاية المطاف، يعتمدان المبادئ «الداروينية» (أي البقاء للأصلح أو الأقوى)، فإن المجتمعات الأخرى ليس أمامها سوى أن تحذو حذوهم أو تصبح مهمشة.

هذه بعض الشذرات من كتاب نوعي ومرجعي، نعتقد أنه يهم كل المشتغلين في حقول «الجندر»، أو القضايا النسائية داخل وخارج مجالنا التداولي الإسلامي العربي.

الرباط

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة