Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
الثالثة
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
خطوٌ.. ومحو
سيرة كرسي ثقافي 18
إبراهيم بن عبدالرحمن التركي العمرو

 

* * لم تحمل الرقابة مفهومًا ثابتًا بحيث تمكنُ معرفةُ الخطوط الحمراء والبرتقالية لتجنب حِماها، وحصل كثيرًا أن مُنعَ مقالٌ من الرقيب يومًا فحفظ في الأدراج أيامًا ثم أعيد إليه فأجازه، وهو ما كان يعني لنا -بصفتنا «عبد الرحمن المرداس وصاحبكم» غيرَ مخولين بالإجازة النهائية ضرورة تلمس قنواتِ «التملص والتخلص» من سطوة الرقيب الذي يحرجنا؛ فنفاجأُ مثل المبدع والباحث والكاتب بطمس أسطر، وليته يقف عندها؛ فقد يضيف مثلها، وهو ما لا يمكن تبريره حتى لو وجدنا مبررًا للحذف، ومرةً بل مرات نقدر للمسؤول عذره؛ فالزمن كان غيرَ الزمن، والذي في الحقل غير الذي يحصي الغلّة.

* * يذكر أنه قد أُلغي له مقالٌ كامل في زاوية «الساعة الخامسة والعشرون»، و كيلا يظهر عليه شرحُ الإلغاء أعاد كتابته من جديد بحروفه وفواصله ونقطه، ثم سلّمه للمجيزِ «نفسه» فاستبدلت الإشارةُ الخضراء بالحمراء، والفارق الزمني أسبوع، وأيقن أن التقدير الشخصيَّ المجردَ لأمر»ما» دون مرتكزاتٍ مهنيةٍ وموضوعية يتبدل وَفقًا لحالة الإنسان المزاجية ورؤيته المتأثرة من ثَمّ بالأجواء والأنواء.

* * طول المُقام أتاح لهما «المرداس وذي الكرسي» تمددًا في الصلاحيات «الرقابية» اكتسباه بعد عناء؛ فلم يفرطا فيه، وكان مستشار التحرير الأستاذ المرداس هو خط المواجهة المباشر مع المواد الثقافية؛ فإذا رأى أمرًا يحتاج لإشارة وقوف تواصلا للتفاهم، أما حين لا يجدان مناصًا من حذف «ما» فإنهما يخاطبان الكاتب لاستئذانه.

* * وفي سياق سعي القسم الثقافي -كما كان يسمى- فقد استكتبت الثقافيةُ علمًا رائدًا هو الأستاذ الكبير محمد العلي؛ ما مثَّل نقلةً نوعية ذات قيمةٍ تحريريةٍ ومعرفيةٍ كبيرة، وكنا حريصين على إبراز زاويته «كلمات مائية» بما يليق بأبي عادل، لكنهما واجها مقالةً كاملةً يصعب نشرها، ومن الصعب التصرف فيها دون إذنه، وقد عهدا في كتابٍ آخرين أقلَّ شأنًا من يُرفق مقاله بعبارة: لو حذف سطر فلا تنشروه؛ فكيف سيكون الموقف معه؟ بالتأكيد سيكون صعبًا، وقد يأسف على موافقته على الكتابة مع من لا يحترم قدسيةَ حروفه.

* * جرى الاتصال بالأستاذ محمد بتردد وحذر، وبخلاف التوقع؛ فقد أثبت الكبير أنه كبير، وأبدى تفهمه التام واستعداده الفوري لبعث بديل، وتأكيده أن الرقباء يرون ما لا يرى؛ فهو حين يكتب لا يضعهم في حسابه، بينما الصفحات تسير وفق تعليماتهم وتتعرض لمساءلاتهم؛ فلا ضير في الحجب ولا مانع من التغيير.

* * درسٌ ذو معانٍ بالغة قدمه الرمز الجميل لمحررين شداةٍ؛ ما زاد ثقتَهم بموقفهم واحترامَهم لأستاذهم ومعرفة الفارق بين من يرسم طريقًا لسواه ومن يؤسس طريقًا دائريةً حول ذاته.

* * اقترب صاحبكم من أستاذه أكثر، وعرف سموه ونبله وتواضعه، وتجاورا في مصيفهما «البرِمّانيّ» فتأسست وشائجُ أقوى؛ أطال الله في عمر شيخنا أبي عادل وزاد في عطائه، وفي سيرة الكرسي التالية بإذن الله حكاية الأستاذين راشد الحمدان وحمد القاضي وسيارة «الونيت»!

Ibrturkia@gmail.com twitter:@abohtoon

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة